للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما الحالةُ الثَّالثةُ: فهو أنْ لا يُقيمَ البيِّنةَ ولا يُلاعِنَ:

اتَّفقَ الفُقهاءُ على أنَّ الزوجَ إذا قذَفَ زَوجتَه برَجلٍ بعَينِه ولم يَأتِ ببيِّنةٍ ولم يُلاعِنْ فقدْ صارَ قاذفًا لاثنَينِ، وعليهِ لكُلِّ واحِدٍ منهُما حَدُّ القَذفِ، ولكُلِّ واحِدٍ منهُما المُطالَبةُ، وأيُّهما طالَبَ حُدَّ له، ومَن لم يُطالِبْ فلا يُحَدُّ له كما لو قذَفَ رَجلًا بالزنا بامرَأةٍ مُعيَّنةٍ.

وبهذا قالَ جُمهورُ العُلماءِ، إلا الحَنفيةَ فقالوا: لا يُحَدُّ الزوجُ، بل يُحبَسُ حتى يُلاعِنَ، كما تقدَّمَ تَفصيلُه (١).

الأثَرُ الثاني: الفُرقةُ بينَ الزَّوجَينِ ونَوعُها:

اختَلفَ الفُقهاءُ فيما لو وقَعَ اللِّعانُ، هل تَحصلُ الفُرقةُ بمُجرَّدِ لِعانِ الزَّوجِ وحْدَه وإنْ لم تُلاعِنِ الزوجةُ؟

أم لا تَقعُ الفُرقةُ إلا بالتِعانِهما جَميعًا فلا تَقعُ بلِعانِ الزَّوجِ وحْدَه بل لا بُدَّ مِنْ التِعانِ الزَّوجينِ جَميعًا ولا تَفتقرُ إلى حُكمِ حاكمٍ؟

أم لا تَقعُ الفُرقةُ إلا بعدَ التِعانِهما جَميعًا ولا بُدَّ مِنْ تَفريقِ الحاكِمِ؟ ثَلاثةُ أقوالٍ للفُقهاءِ.

فذهَبَ الشافِعيةُ والمالِكيةُ في قَولٍ إلى أنَّ الفُرقةَ تَحصلُ بتَمامِ التِعانِ الزوجِ وإنْ لم تُلاعِنِ الزوجةُ، ولا يَتوقَّفُ على قَضاءِ القاضي بالتفريقِ؛ لأنَّ


(١) «الحاوي الكبير» (١١/ ٦٦)، و «المغني» (٨/ ٧١)، وباقي المَصادِر السَّابقَة.

<<  <  ج: ص:  >  >>