للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعَن الإمامِ أحمَدَ رِوايةٌ أُخرى: أنَّها لا تَرثُ بعْدَ العدَّةِ، وهذا قولُ عُروةَ وأبي حَنيفةَ وأصحابِهِ وأحدُ أقوالِ الشَّافعيِّ؛ لأنَّها تُباحُ لزَوجٍ آخَرَ، فلَم تَرثْهُ كما لَو كانَ في الصِّحةِ، ولأنَّ تَوريثَها بعدَ العدَّةِ يُفضِي إلى تَوريثِ أكثرَ مَنْ أربعِ نِسوةٍ، فلَم يَجُزْ كما لو تَزوَّجَتْ (١).

وعلى هذا: إنْ تزوَّجَتِ المَبتوتةُ لَم تَرثْهُ، سواءٌ كانَتْ في الزَّوجيَّةِ أو بانَتْ مِنَ الزَّوجِ الثَّانِي، هذا قولُ أكثرِ أهلِ العِلمِ الحنفيَّةِ والشَّافعيةِ والحنَابلةِ؛ لأنَّ هذهِ وارثَةٌ مِنْ زَوجٍ، فلا تَرِثُ زَوجًا سواهُ كسائِرِ الزَّوجاتِ، ولأنَّ التَّوارُثَ مِنْ حُكمِ النِّكاحَ، فلا يَجوزُ اجتِماعُهُ معَ نكاحٍ آخَرَ كالعدَّةِ، ولأنَّها فعلَتْ باختيارِها ما يُنافي نكاحَ الأوَّلِ لها، فأشبَهَ ما لو كانَ فسخُ النِّكاحِ مِنْ قِبَلِها.

وذهبَ المالكيَّةُ -كما تَقدَّمَ- إلى أنَّها تَرثُهُ؛ لأنَّها شَخصٌ يَرثُ معَ انتِفاءِ الزَّوجيَّةِ، فوَرثَ مَعها كسائِرِ الوارثِينَ (٢).

الحالةُ الثَّالثةُ: أنْ يكونَ غيرَ مَدخولٍ بها:

اختَلفَ الفُقهاءُ في الزَّوجِ إذا طلَّقَ زَوجتَه غَيرَ المَدخولِ بها في مرَضِ مَوتِه المَخُوفِ ثمَّ ماتَ، هلْ تَرثُ منهُ أم لا؟

فذهَبَ الحنفيَّةُ والشَّافعيةُ والحَنابلةُ في رِوايةٍ إلى أنَّها لا تَرثُ منهُ، ولا عدَّةَ عَليها، ولها نِصفُ الصَّداقِ.


(١) «المغني» (٦/ ٢٦٨، ٢٦٩)، و «المبدع» (٦/ ٢٤٢)، و «الإنصاف» (٧/ ٣٥٦، ٣٥٧)، و «منار السبيل» (٢/ ٤٧٥، ٤٧٨).
(٢) «المغني» (٦/ ٢٦٨)، ويُنظَر بَاقي المَصادِرِ السَّابقةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>