للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقالَ أبو الحَسَنِ الطَّرابُلسيُّ الحَنفيُّ : اعلَمْ أنَّ الإِقرارَ مِنْ أقوَى الأَحكامِ وأشَدِّها، وهو أقوَى مِنْ البَيِّنةِ، ووَجهُه أنَّه إذا كانَ يَستَنِدُ القَضاءُ إلى ظَنٍّ فبِأنْ يَستَندَ إلى عِلمٍ أوْلَى؛ لأنَّ الحُكمَ بالإِقرارِ مَقطوعٌ به والحُكمُ بالبيِّنةِ مَظنونٌ؛ ولأنَّ الإِقرارَ خبَرُ صِدقٍ، أو يَرجِعُ صِدقُه على كَذبِه لانتِفاءِ تُهمةِ الكَذبِ ورِيبةِ الإفكِ، وحَقيقَتُه إِخبارٌ عن كائِنٍ سابِقٍ فيَقتَضي ثُبوتَ المُخبَرِ به سابِقًا على إِخبارِه (١).

أثَرُ الإِقرارِ:

أثَرُ الإِقرارِ: هو ظُهورُ ما أقَرَّ به، أي: ثُبوتُ الحَقِّ الذي أقَرَّ به في الماضِي لا إِنشاءُ الحَقِّ ابتِداءً، لكنْ لو أقَرَّ لغَيرِه بمالٍ والمُقَرُّ له يَعلَمُ أنَّ المُقِرَّ كاذِبٌ في إِقرارِه لا يَحِلُّ له أخذُ ما أقرَّ له به فيما بينَه وبينَ اللهِ تَعالى إلا أنْ يُسَلِّمَه إِياه بطيبِ نَفسٍ منه فيَحِلَّ له أخذُه على سَبيلِ الهِبةِ تَمليكًا مُبتدَأً، وأمَّا في القَضاءِ فيَحِلُّ في الظاهِرِ.

أمَّا لو اشتَبَه الأمرُ عليه حَلَّ له الأخذُ عندَ مُحمدٍ خِلافًا لأبي يُوسفَ (٢).


(١) «معين الحكام» ص (١٢٥).
(٢) «الجوهرة النيرة» (٣/ ٢٧٣)، و «حاشية ابن عابدين» (٥/ ٩٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>