للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكانَ من أَعظمِ الواجِباتِ؛ لأنَّ عِظمَ مَنزلةِ العِلمِ بالشَّيءِ بحَسبِ مَنزلةِ ضَررِ الجَهلِ به وضَررِ الجَهلِ بمَسائلِ الحَيضِ أشَدُّ من ضَررِ الجَهلِ بغيرِها فيَجبُ الاعتِناءُ بمَعرفتِها، وإنْ كانَ الكَلامُ فيها طَويلًا؛ فإنَّ المُحصِّلَ يَتشوَّفُ إلى ذلك، ولا التِفاتَ إلى كَراهةِ أهلِ البَطالةِ (١).

قالَ الجُوينيُّ : الحَيضُ حالةٌ يُبتَلى بها بَناتُ آدَمَ من حيثُ الفِطرةُ والجِبلَّةُ ابتِلاءً مُعتادًا على تَكرُّرِ الأَدوارِ، وما كانَ كذلك فالدَّواعي تَتوافرُ على نَقلِ الأُصولِ التي تَمسُّ الحاجةُ فيه إليها، هذا حُكمُ اطِّرادِ الاعتِيادِ فلا يَجوزُ أنْ يَخلوَ الزَّمانُ عن العِلمِ بأقَلِّ الحَيضِ على الجُملةِ وأكثَرِه ما دامَ الناسُ مُهتمِّينَ بإِقامةِ الصَّلواتِ (٢).

أَلوانُ دَمِ الحَيضِ والصُّفرةُ والكُدرةُ:

ذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ إلى أنَّ الصُّفرةَ والكُدرةَ في أَيامِ الحَيضِ حَيضٌ؛ لأنَّه الأصلُ فيما تَراه المَرأةُ في زَمنِ الإِمكانِ، ولأنَّ عائِشةَ كانَ النِّساءُ يَبعثْنَ إليها بالدُّرجةِ (٣) فيها الكُرسُفُ (٤)، فيه الصُّفرةُ والكُدرةُ، فتَقولُ لهُنَّ: «لا تَعجَلنَ حتى تَرَينَ القَصَّةَ البَيضاءَ» تُريدُ بذلك التَّطهُّرَ من الحَيضِ (٥).


(١) «البحر الرائق» (١/ ١٩٩).
(٢) «غياث الأمم» ص (٥١٧).
(٣) الدُّرجةُ المُرادُ بها ما تَحتَشي به المَرأةُ من قُطنةٍ وغيرِها لتَعرفَ هل بَقي من أثَرِ الحَيضِ شَيءٌ أو لا. قاله الحافظ في «الفتح» (١/ ٥٠٠).
(٤) الكُرسُفُ: هو القُطنُ.
(٥) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه مالك في «الموطأ» (١٢٨)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (١٤٨٦)، وعبد الرازق في «المصنف» (١١٥٩)، وعلقه البخاري (١/ ١٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>