تَنقَضِي الإجارةُ بِعِدَّةِ أُمورٍ ذكرَها الفُقهاءُ، وهي على التَّفصيلِ والبَيانِ التَّالي:
أولاً: انتِهاءُ مدَّةِ الإجارةِ:
لا خِلافَ بينَ عُلماءِ الأُمَّةِ على أنَّ الإجارةَ إذا كانَتْ مُحَدَّدةً بمدَّةٍ؛ فإنَّ الإجارةَ تَنتَهي بانتِهائِها، إلَّا لِعُذرٍ؛ لأنَّ الثَّابِتَ إلى غايةٍ يَنتَهي عندَ وُجودِ الغايةِ فتَنفَسِخُ الإجارةُ بانتِهاءِ المدَّةِ، إلَّا إذا كانَ ثَمةَ عُذرٌ بأنِ انقَضَتِ المدَّةُ وفي الأرضِ زَرعٌ لَم يُستَحصَدْ، ففيه تَفصيلٌ بينَ العُلماءِ.
فذهبَ الحَنفيَّةُ والمالِكيَّةُ إلى أنَّه إذا انقَضَتْ مدَّةُ الإجارةِ وفي الأرضِ زَرعٌ لَم يُستَحصَدْ، لا يَجوزُ قَلْعُه؛ وإنَّما يُترَكُ إلى أنْ يُستَحصَدَ بأُجرةِ المِثلِ، بخِلافِ الشَّجرِ؛ فإنَّ له أنْ يَأمُرَ الغارِسَ بقَلْعِه، والشَّجرُ إذا كانَ فيه ثَمرٌ قد أُبِّرَ كانَ بمَنزِلةِ الزَّرعِ.
قالَ الحَنفيَّةُ: إذا انقَضَتْ مدَّةُ الإجارةِ وفي الأرضِ زَرعٌ لَم يُستَحصَدْ؛ فإنَّه يُترَكُ إلى أنْ يُستَحصَدَ بأجْرِ المِثلِ، بخِلافِ ما إذا انقَضَتِ المدَّةُ وفي الأرضِ رَطبةٌ أو غَرسٌ، يُؤمَرُ بالقَلعِ؛ لأنَّ في تَركِ الزَّرعِ إلى أنْ يُدرِكَ مُراعاةَ الحَقَّيْنِ، والنَّظَرَ مِنْ الجانبيْنِ؛ لأنَّ لِقَطْعِه غايةً مَعلومةً؛ فأمَّا الرَّطبةُ فليسَ لِقَطعِها غايةٌ مَعلومةٌ، فلَو لَم تُقطَعْ لَتَعَطَّلَتِ الأرضُ على صاحِبِها، ويَتَضرَّرُ به، وبِخِلافِ الغاصِبِ إذا زَرَعَ الأرضَ المَغصوبةَ