للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤ - حُكمُ من أكلَ أو شَرِب وهو يَظُنُّ أنَّ الشَّمسَ قد غابَت أو أنَّ الفَجرَ لم يَطلُعْ:

اتَّفَق الأئِمَّةُ الأربَعةُ على أنَّ مَنْ أكلَ أو شَرِب وهو يَظُنُّ أنَّ الشَّمسَ قد غابَت أو أنَّ الفَجرَ لم يَطلُعْ، فبان الأمرُ بخِلافِ ذلك بعدَ إفطارِه أنَّه يَجِبُ عليه القَضاءُ؛ لأنَّه أكلَ مُختارًا ذاكِرًا لِلصَّومِ، فأفطَر كما لو أكَل يَومَ الشَّكِّ، ولأنَّه جَهِل بوَقتِ الصِّيامِ فلم يُعذَرْ به كالجاهِلِ بأولِ رَمضانَ، ولأنَّه يُمكِنُ التَّحرُّزُ منه، فأشبَه أكلَ العامِدِ.

ولِقَولِ اللهِ تَعالى: ﴿حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ﴾ [البقرة: ١٨٧] وهذا قد أكلَ في النَّهارِ، وبما رَواه البُخاريُّ عن هِشامِ بنِ عُروةَ عن فاطِمةَ بِنتِ المُنذِرِ عن أسماءَ بِنتِ أبي بَكرٍ الصِّدِّيقِ قالت: «أَفْطَرْنَا على عَهْدِ النَّبيِّ يَومَ غَيْمٍ ثُمَّ طَلَعَتِ الشَّمْسُ. قِيلَ لِهِشَامٍ: فَأُمِرُوا بِالْقَضَاءِ؟ قال: لَا بُدَّ من قَضَاءٍ» (١).

ولِما رَواه مالِكٌ في المُوطَّأِ عن زَيدِ بنِ أسلَمَ عن أخيه خالِدٍ أنَّ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ : «أَفْطَرَ ذَاتَ يَوْمٍ في رَمَضَانَ في يَوْمٍ ذِي غَيْمٍ وَرَأَى أَنَّهُ قد أَمْسَى وَغَابَتِ الشَّمْسُ، فَجَاءَهُ رَجُلٌ فقال: يا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، طَلَعَتِ الشَّمْسُ، فقال عُمَرُ: الْخَطْبُ يَسِيرٌ، وَقَدِ اجْتَهَدْنَا» (٢). قال البَيهَقيُّ :


(١) أَخرَجه البخاري (١٩٥٩).
(٢) أَخرَجه مالك في «الموطأ» (٦٧٠) ومن طريقِه الشافِعيّ في «مُسنَدِه» (١/ ١٠٣)، والبيهقي (٤/ ٢١٧) وغيرُهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>