ذلك، فإنَّه يَجبُ عليه رَدُّه على صاحِبِه، ويَغرَمُ قيمةَ أَرشِ النَّقصِ الذي حدَثَ عندَه؛ لأنَّها جِنايةٌ على مالٍ، أَرشُها دونَ قيمَتِها، فلم يَملِكِ المُطالَبةَ بجَميعِ قيمَتِها، كما لو كانَ الشِّقُ يَسيرًا، ولأنَّها جِنايةٌ تَنْقُصُ بها القيمةُ فأشبَهَ ما لو لم يَتلَفْ غَرضُ صاحِبِها، وفي الشاةِ تَلفُ جَميعِها؛ لأنَّ الاعتِبارَ في الإِتلافِ بالمَجنيِّ عليه لا بغَرضِ صاحِبِه؛ لأنَّ هذا إنْ لم يَصلُحْ لهذا صلَحَ لغيرِه (١).
الحالةُ الرابِعةُ: أنْ تَتلفَ العَينُ المَغصوبةُ:
اتَّفقَ فُقهاءُ المَذاهبِ الأربَعةِ على أنَّ العَينَ المَغصوبةَ -غيرَ العَقارِ- إذا تلِفَت عندَ الغاصِبِ فإنَّه يَضمنُها، وهي لا تَخلو إمَّا أنْ تَكونَ من ذَواتِ الأَمثالِ، أو من غيرِ ذَواتِ الأَمثالِ:
أ- أنْ تَكونَ العَينُ المَغصوبةُ التالِفةُ من ذَواتِ الأَمثالِ:
اتَّفقَ الفُقهاءُ على أنَّ العَينَ المَغصوبةَ إذا تلِفَت عندَ الغاصِبِ بأيِّ سَببٍ كانَ فإنَّه يَجبُ عليه مِثلُها إنْ كانَت من ذَواتِ الأَمثالِ؛ لقَولِ اللهِ تَعالى: ﴿فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ﴾ [البقرة: ١٩٤]، ولأنَّه لمَّا تَعذَّرَ رَدُّ العَينِ وجَبَ رَدُّ ما يَقومُ مَقامَها في الماليةِ، ولأنَّ المِثلَ أقرَبُ إليه من القيمةِ، وهو مُماثِلٌ له من طَريقِ الصُّورةِ والمُشاهدةِ والمَعنى، والقيمةُ مُماثِلةٌ عن طَريقِ الظَّنِّ والاجتِهادِ، فكانَ ما طَريقُه