للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣ - البَيعُ بالنُّقودِ لا بالعُروضِ:

اختَلفَ الفُقهاءُ في المُوكِّلِ إذا أطلَقَ البَيعَ لِلوَكيلِ، هَلْ له أنْ يَبيعَ بعَرَضٍ أو لا بدَّ مِنْ النُّقودِ؟

فَذهَب الإمامُ أبو حَنيفةَ إلى أنَّ له أنْ يَبيعَ بالعُروضِ وبِالنُّقودِ؛ لِإطلاقِ الأمْرِ، فالمُطلَقُ يَجري على إطلاقِه في غيرِ مَوضِعِ التُّهمةِ، فيَتَناوَلُ كلَّ ما يُطلَقُ عليه البَيعُ، والبَيعُ بالعَرضِ مُتَعارَفٌ عندَ شِدَّةِ الحاجةِ إلى الثَّمنِ لِتِجارةٍ رابِحةٍ، أو لِغيرِها، وعندَ التَّبرُّمِ مِنْ العَينِ، وعندَ ذلك لا يُبالى بقِلَّةِ الثَّمنِ وكَثرَتِه، فكانَ العُرفُ مُشتَرِكًا لا يَصلُحُ دَليلًا لِأحَدِ الخَصمَيْنِ، بَلِ المُتَنازَعُ فيه يَكونُ داخِلًا تَحتَ ما يَدَّعيه الخَصمُ، فيَندَفِعُ نِزاعُه، أو تَظهَرُ مُكابرَتُه.

والبَيعُ بالعَرضِ بَيعٌ مِنْ كلِّ وَجهٍ، حتى إنَّ مَنْ حلَف لا يَبيعُ يَحنَثُ بالبَيعِ بالعَرضِ، فلمَّا جُعِلَ هذا بَيعًا مُطلَقًا في اليَمينِ، جُعِلَ في الوَكالةِ كذلك (١).

وذهَب الصَّاحِبانِ مِنْ الحَنفيَّةِ والمالِكيَّةِ والحَنابِلةِ في المَذهبِ إلى أنَّ الوَكيلَ بالبَيعِ المُطلَقِ لا يَجوزُ له أنْ يَبيعَ بالعَرضِ، وليسَ له إلَّا البَيعُ بالنُّقودِ.


(١) «العناية شرح الهداية» (١١/ ١٦٦، ١٦٧)، و «تبيين الحقائق» (٤/ ٢٧٠)، و «الجوهرة النيرة» (٣/ ٤٩٩)، و «اللباب» (٢/ ٥٦٤)، و «الاختيار» (٢/ ١٩٤)، و «مختصر الوقاية» (٢/ ١٧٢)، و «الهندية» (٣/ ٥٨٨)، و «مجمع الضمانات» (١/ ٥٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>