لا خِلافَ بَين العُلماءِ على أنَّ يدَ العامِلِ في المُساقاةِ يَد أمانةٍ، لا يَضمَنُ إلَّا إذا تَعدَّى أو فَرَّطَ، وإذا اختَلفَ هو والمالِكُ فالأصْلُ أنَّ قَولَه مُصدَّقٌ على تَفصيلٍ في ذلك، وبَيانُه في هذه المَسألةِ:
إذا اختَلفَ العامِلُ والمالِكُ في قَدْرِ الجُزءِ المَشروط:
اختَلفَ الفُقهاءُ فيما إذا اختَلفَ العامِلُ والمالِكُ في قَدْرِ الجُزءِ المَشروطِ مِنْ الثَّمرةِ بأنْ قالَ العامِلُ: شرطَ لي النِّصفَ، وقالَ المالِكُ: بَلْ شَرَطتُ الثُّلُثَ، أوِ الرُّبُعَ.
فَأمَّا الحَنفيَّةُ فلَم أقِفْ لَهم على قَولٍ في الِاختِلافِ في المُساقاةِ، وإنَّما في المُزارَعةِ، فقالوا: إذا كانَ البَذْرُ مِنْ ربِّ الأرضِ فأخرَجَتِ الأرضُ زَرعًا كَثيرًا فقالَ ربُّ الأرضِ: «شَرَطتُ لَكَ الثُّلُثَ» وقالَ المُزارَعُ: «شَرَطْتَ لي النِّصفَ» فالقولُ قولُ ربِّ الأرضِ مع يَمينِهِ؛ لأنَّ المُزارَعَ يَستَحقُّ عليه الخارِجَ بمُقابَلةِ عَملِه بالشَّرطِ، فهو يدَّعي زِيادةً فيما شُرِطَ لَه، ورَبُّ الأرضِ يُنْكِرُ تلك الزِّيادةَ؛ فالقولُ قولُه مع يَمينِه، وعَلَى المُزارَعِ البيِّنةُ على ما ادَّعَى، وتَترَجَّحُ بيِّنَتُه عندَ المُعارَضةِ؛ لِمَا فيها مِنْ إثباتِ