اختَلفَ الفُقهاءُ في الوَكالةِ المُطلَقةِ، بأنْ أطلَقَ المُوكِّلُ الوَكالةَ لِلوَكيلِ، هَلْ له أنْ يَبيعَ لِوالِدَيْه ويَشترِيَ مِنهما أو لا؟
فَذَهَبُ الإمامُ أبو حَنيفةَ وفي مُقابِلِ الأصَحِّ عندَ الشَّافِعيَّةِ والحَنابِلةُ في المَذهبِ إلى أنَّه لا يَجوزُ له أنْ يَبيعَ لِوالِدَيْهِ؛ لأنَّ الوَكيلَ مُؤتمَنٌ؛ فإذا باعَ لِوالِدَيْه لَحِقَتْه التُّهمَةُ؛ لأنَّه مُتَّهمٌ في حَقِّهم، ويَميلُ إلى تَركِ الِاستِقصاءِ عليهم في الثَّمنِ، كَتُهمَتِه في حَقِّ نَفْسِه، ولِذلك لا تُقبَلُ شَهادَتُه لهما، وكما لو فوَّض الإمامُ إليه أنْ يُوَليَ القَضاءَ مَنْ شاءَ، فلا يَجوزُ له تَفويضُه إلى أُصولِه ولا فُروعِه، ولأنَّ المَنافِعَ بينَه وبينَ والِدَيْه مُتَّصِلةٌ، ولأنَّ الشِّراءَ مِنهم كالبَيعِ، فلا يَصحُّ شِراؤُه مِنهما لِشَيءٍ وُكِّلَ في شِرائِه، فاشتَراه مِنهما لِمُوكِّلِه، إلَّا أنْ يَأْذَنَ المُوكِّلُ في البَيعِ لهما، أو يَقولَ: بِعْ ممَّن شِئتَ؛ فإنَّه يَجوزُ أنْ يَبيعَ لهما بالإجماعِ.
وذهَب الصَّاحِبانِ مِنْ الحَنفيَّةِ أبو يُوسفَ ومُحمَّدٌ والشَّافِعيَّةُ في الأصَحِّ والحَنابِلةُ في رِوايةٍ وهو رِوايةٌ عن أبي حَنيفةَ وهو مُقتَضَى مَذهبِ المالِكيَّةِ إلى أنَّه يَجوزُ أنْ يَبيعَ لِوالِدَيْه بمِثلِ القِيمةِ؛ لأنَّ التَّوكيلَ مُطلَقٌ: أي: عن التَّقييدِ بشَخصٍ دُون آخَرَ، والمُطلَقُ يُعمَلُ بإطلاقِه، فكانَ المُقتَضِي مَوجودًا، وكانَ المانِعُ مُنتَفيًا؛ لأنَّ المانِعَ هو التُّهمةُ، ولا تُهمةَ ههُنا؛ لأنَّها