للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٨ - الجُلوسُ بينَ السَّجدتَينِ:

اختَلفَ الفُقهاءُ في الجُلوسِ بينَ السَّجدتَينِ، هل هو رُكنٌ مِنْ أركانِ الصَّلاةِ، أو سُنَّةٌ؟

فَذَهب الإمامُ مالِكٌ والشافِعيُّ وأحمدُ إلى أنَّ الجُلوسَ بينَ السَّجدتَينِ رُكنٌ من أركانِ الصَّلاةِ؛ لقولِه لِلمُسيءِ صَلاتَه: «ثم ارفَع حتى تَعتَدلَ جالسًا»، وفي رِوايةٍ: «حتى تَطمَئن جالسًا، وَافعَل ذلك في صَلاتِكَ كلِّهَا» رَواه الشَّيخانِ، وفي الصَّحيحَينِ: «كانَ رَسولُ اللهِ إذَا سجدَ فَرفعَ رَأسَه لم يَسجُد حتى يَستَوِيَ جالسًا»، ولأنَّه رَفعٌ واجِبٌ، فكانَ الاعتِدالُ عنه واجِبًا، كالرَّفعِ مِنْ السَّجدةِ الأخيرةِ.

وذَهب الإمامُ أبو حَنيفَةَ إلى أنَّ الجُلوسَ بينَ السَّجدتَينِ ليس بواجِبٍ، بل هو سُنَّةٌ، بل يَكفي عندَ أبي حَنيفةَ أن يَرفَعَ رَأسَه مثلَ حَدِّ السَّيفِ؛ لأنَّ هذه جَلسةُ فَصلٍ بينَ مُتَشاكِلَينِ، فلم تكُن واجِبةً.

والمُعتَمدُ عندَ المالِكيَّةِ صحَّةُ صَلاةِ مَنْ لم يَرفَع يَديهِ عن الأرضِ حالَ الجُلوسِ بينَ السَّجدتَينِ، حيثُ اعتَدلَ.

وقالَ القاضي عَبدُ الوهَّابِ : الاعتِدالُ في الجَلسةِ بينَ السَّجدتَينِ يخرجُ على الاعتِدالِ في الرَّفعِ مِنْ الرُّكوعِ، وقد ذكَرناه (١).


(١) «الإشراف على نكت مسائل الخلاف» (١/ ٢٨١)، و «الشرح الكبير» (١/ ٢٤٠)، و «الشرح الصغير» (١/ ٢٠٩)، و «الفواكه الدواني» (١/ ١٨٣)، و «القوانين الفقهية» (١/ ٤٦)، و «مواهب الجليل» (١/ ٥٢٢)، و «كفاية الأخيار» (١٥٢)، و «الحاوي الكبير» (٢/ ١٣٠)، و «المغني» (٢/ ٧٥)، و «الإفصاح» (١/ ١٧١)، و «منار السبيل» (١/ ١٠٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>