للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا قُلنا: يَردُّه بعدَ المَوتِ. فالوَصيُّ يَفعلُ ذلك، فلو ماتَ الثانِي قبلَ الرَّدِّ والمالُ بحالِه رَدَّه أيضًا، لكنْ لو قُسِّمت تَركةُ الثانِي قبلَ الرَّدِّ أو بِيعَت أو وُهبَت فههنا فيه نَظرٌ؛ لأنَّ القِسمةَ والقَبضَ بقُربِ العُقودِ الجاهِليةِ، وهذا فيه تأويلٌ، وكذلك لو تصَرَّف المُفضَّلُ في حَياةِ أبيه ببَيعٍ أو هِبةٍ، واتصَلَ بهما القَبضُ ففي الرَّدِّ نَظرٌ، إلا أنَّ هذا مُتصلٌ بالقَبضِ في العُقودِ الفاسِدةِ، وللأبِ الرُّجوعُ فيما وهَبَه لوَلدِه ما لم يَتعلقُ به حَقٌّ أو رَغبةٌ فلا يَرجعُ بقَدرِ الدَّينِ وقَدرِ الرَّغبةِ ويَرجعُ فيما زادَ (١).

هل التَّساوي بينَ الأولادِ يَكونُ كالميراثِ أو للذَّكرِ مِثلُ الأُنثى؟

اختَلفَ الفُقهاءُ في التَّسويةِ المُستحبةِ، هل تَكونُ على حَسبِ قِسمةِ اللهِ تَعالى في المِيراثِ، للذَّكرِ مِثلُ حَظِّ الأُنثَيينِ، أو تُعطى الأُنثَى مِثلَ ما يُعطى الذَّكرُ؟

فذهَبَ مُحمدُ بنُ الحَسنِ من الحَنفيةِ وبَعضُ المالِكيةِ كابنِ شَعبانَ والشافِعيةُ في وَجهٍ والحَنابِلةُ إلى أنَّ التَّسويةَ المُستحبةَ أنْ يَقسمَ بينَهم على حَسبِ قِسمةِ اللهِ تَعالى في المِيراثِ، فيَجعلَ للذَّكرِ مِثلَ حَظِّ الأُنثَيينِ؛ لأنَّ اللهَ جلَّ ذِكرُه كذلك قسَّمَ المِيراثَ بينَهم، فجعَلَ للذَّكرِ مِثلَ حَظِّ الأُنثَيينِ، وأَولى ما يُقتَدى به قِسمةُ اللهِ ، فإذا قسَمَ هو مالَه بينَهم في حَياتِه فعليه أنْ يَقسمَه كما قسَمَه اللهُ بعدَ المَوتِ قِياسًا على ذلك، ولأنَّه حَظُّها من ذلك المالِ لو أَبقاه الواهِبُ في يَدِه حتى ماتَ.


(١) «الفتاوى الكبرى» (٤/ ٥١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>