للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصُّورةُ الثالِثةُ: أنْ تَكونَ عندَه وَديعةٌ في حَياتِه ولمْ تُوجدْ بعَينِها ولمْ يُعلمْ هل هي باقِيةٌ عندَه أم تلِفَت؟

قالَ ابنُ قُدامةَ : فأما إنْ كانَت عندَه وَديعةٌ في حَياتِه ولمْ تُوجدْ بعَينِها ولمْ يُعلمْ هل هي باقِيةٌ عندَه أو تلِفَت ففيه وَجهانِ:

أَحدُهما: وُجوبُ ضَمانِها؛ لأنَّ الوَديعةَ يَجبُ ردُّها، إلا أنْ يَثبتَ سُقوطُ الردِّ بالتَّلفِ مِنْ غيرِ تَعدٍّ ولمْ يَثبتْ ذلك، ولأنَّ الجَهلَ بعَينِها كالجَهلِ بها، وذلك لا يَسقطُ الردَّ.

والثانِي: لا ضَمانَ عليه؛ لأنَّ الوَديعةَ أَمانةٌ والأَصلُ عَدمُ إِتلافِها والتَّعدِّي فيها، فلمْ يَجبْ ضَمانُها، وهذا قَولُ ابنِ أَبي لَيلى وأَحدُ الوَجهينِ لأَصحابِ الشافِعيِّ وظَاهرُ المَذهبِ الأَولِ؛ لأنَّ الأَصلَ وُجوبُ الردِّ فيَبقى عليه ما لمْ يُوجدْ ما يُزيلُه (١).

الصُّورةُ الرابِعةُ: أنْ تُوجدَ وَثيقةٌ بخطِّ يدِه أنَّ الوَديعةَ لفُلانٍ:

اختَلفَ الفُقهاءُ فيما لو وجَدَ لرَجلٍ في دَفترٍ حِسابَه أو وَثيقةً مَكتوبٌ فيها بخَطِّه أنَّ لفُلانٍ عندي وَديعةً أو دَينًا، هل يَجبُ دَفعُ ذلك إليه أم لا؟

فذهَبَ المالِكيةُ والحَنابِلةُ في المَذهبِ إلى أنَّه يَلزمُه ردُّها على مالِكِها، ويَجبُ العَملُ بخَطِّه.


(١) «المغني» (٦/ ٣٠٦، ٣٠٧)، و «شرح الزركشي» (٢/ ٢٢٩)، و «الإنصاف» (٦/ ٣٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>