للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخَصلةُ الثالِثةُ: أمْنُ الطَّريقِ:

أمْنُ الطَّريقِ يَشملُ الأمْنَ على النَّفسِ والمالِ، وذلك وقتَ خُروجِ الناسِ للحَجِّ؛ لأنَّ الاستِطاعةَ لا تَثبتُ بدونِه، وإنْ كان مُخيفًا في غيرِه.

وقد اختلَف الفُقهاءُ في أمْنِ الطَّريقِ، هل هو شَرطٌ للوُجوبِ أو شَرطٌ لِلأداءِ؟

فذهَب المالِكيةُ والشافِعيةُ وأبو حَنيفةَ في رِوايةِ ابنِ شُجاعٍ عنه (وهو الأصحُّ عندَ الحَنفيةِ) والإمامُ أحمدُ في رِوايةٍ إلى أنَّه من شَرائطِ الوُجوبِ؛ لأنَّ اللهَ تَعالى شرَط الاستِطاعةَ لوُجوبِ الحَجِّ، ولا استِطاعةَ بدونِ أمْنِ الطَّريقِ، كما لا استِطاعةَ بدونِ الزادِ والراحِلةِ، إلا أنَّ النَّبيَّ بيَّن الاستِطاعةَ بالزادِ والراحِلةِ بَيانَ كِفايةٍ؛ ليُستدلَّ بالمَنصوصِ عليه على غيرِه؛ لِاستِوائهما في المَعنى، وهو إمكانُ الوُصولِ إلى البَيتِ.

قال الكاسانيُّ : ألَا تَرى أنَّه كما لم يَذكُر أمْنَ الطَّريقِ لم يَذكُر صِحةَ الجَوارِحِ، وزَوالَ سائرِ المَوانِعِ الحِسَّيةِ، وذلك شَرطُ الوُجوبِ، على أنَّ المَمنوعَ عن الوُصولِ إلى البَيتِ لا زادَ له ولا راحِلةَ معه، فكان شَرطُ الزادِ والراحِلةِ شَرطًا لِأمنِ الطَّريقِ ضَرورةً (١).


(١) «بدائع الصنائع» (٣/ ٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>