للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرُّكنُ الأوَّلُ: الصِّيغةُ (الإيجابُ والقَبولُ):

اتَّفق الفُقهاءُ على أنَّ البَيعَ يَنعقِدُ بالإيجابِ والقَبولِ؛ لأنَّهما يَدُلَّانِ على الرِّضا الذي تَعلَّقَ به الحُكمُ.

لقولِ اللهِ تَعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ﴾ [النساء: ٢٩].

وقالَ النَّبيُّ : «إنَّما البَيعُ عن تَراضٍ» (١). والرِّضا أمرٌ خَفيٌّ لا يُطَّلعُ عليه، فوجَب أنْ يُناطَ الحُكمُ بسَبَبٍ ظاهِرٍ يَدلُّ عليه، وهو الصِّيغةُ، بأيِّ لُغةٍ كانَتْ، سَواءٌ عرَف العَربيَّةَ أو لا، وكذا ما كانَ في مَعناهُما، وهذا لا شُبهةَ فيه، وعليه إجماعُ النَّاسِ.

وَهو يَحصُلُ بأحَدِ أمرَيْنِ: إمَّا بالقَولِ، كبِعتُ واشتَرَيتُ، وإمَّا بالفِعلِ (وهو التَّعاطي)، فأمَّا القَولُ فمُتَّفقٌ عليه بينَ المُسلِمينَ، كما مَرَّ، وأمَّا الفِعلُ فمُختلَفٌ فيه.

أوَّلًا: القَولُ:

وهو الإيجابُ مِنْ البائِعِ، وهو ما يَدلُّ على التَّمليكِ، كبِعتُكَ، أو مَلَّكتُكَ، والقَبولُ مِنْ المُشتَرِي، وهو ما يَدلُّ على التَّملُّكِ، كاشتَرَيتُ، أو قَبِلتُ.

قالَ الحَنفيَّةُ: فالإيجابُ هو ما يُذكَرُ أوَّلًا مِنْ كَلامِ أحَدِ المُتعاقدَيْنِ، سَواءٌ وقَع مِنْ البائِعِ، كبِعتُ، أو مِنْ المُشتَرِي، كَأنْ يَبتدِئَ المُشتَرِي فيَقولَ:


(١) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه ابن حبان (٤٩٦٧)، وابن ماجه (٢١٨٥)، والبيهقي في «الكبرى» (٢٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>