وقالَ النَّبيُّ ﷺ:«إنَّما البَيعُ عن تَراضٍ»(١). والرِّضا أمرٌ خَفيٌّ لا يُطَّلعُ عليه، فوجَب أنْ يُناطَ الحُكمُ بسَبَبٍ ظاهِرٍ يَدلُّ عليه، وهو الصِّيغةُ، بأيِّ لُغةٍ كانَتْ، سَواءٌ عرَف العَربيَّةَ أو لا، وكذا ما كانَ في مَعناهُما، وهذا لا شُبهةَ فيه، وعليه إجماعُ النَّاسِ.
وهو الإيجابُ مِنْ البائِعِ، وهو ما يَدلُّ على التَّمليكِ، كبِعتُكَ، أو مَلَّكتُكَ، والقَبولُ مِنْ المُشتَرِي، وهو ما يَدلُّ على التَّملُّكِ، كاشتَرَيتُ، أو قَبِلتُ.
قالَ الحَنفيَّةُ: فالإيجابُ هو ما يُذكَرُ أوَّلًا مِنْ كَلامِ أحَدِ المُتعاقدَيْنِ، سَواءٌ وقَع مِنْ البائِعِ، كبِعتُ، أو مِنْ المُشتَرِي، كَأنْ يَبتدِئَ المُشتَرِي فيَقولَ:
(١) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه ابن حبان (٤٩٦٧)، وابن ماجه (٢١٨٥)، والبيهقي في «الكبرى» (٢٩٦).