يُبنى على أنَّ المِلكَ في المَوقوفِ إلى مَنْ يَنتقِلُ بالوَقفِ، وفيه قَولانِ: أحدُهما يَنتقِلُ إلى اللهِ ﷿ فلا تَجبُ زَكاتُه.
والثاني: يَنتقِلُ إلى المَوقوفِ عليه، وفي زَكاتِه وَجهانِ: أحدُهما تَجبُ عليه؛ لأنَّه يَملِكُه مِلكًا تامًّا مُستقِرًّا فأشبَهَ غيرَ الوَقفِ، والثاني: لا تَجِبُ؛ لأنَّه مِلكٌ ضَعيفٌ، بدَليلِ أنَّه لا يَملِكُ التَّصرُّفَ في رَقبَتِه فلم تَجِبِ الزَّكاةُ فيه، كالمُكاتَبِ وما في يَدِه (١).
فصلٌ في المالِ المَغصوبِ والضالِّ:
وأمَّا المالُ المَغصوبُ والضالُّ فلا تَلزمُه زَكاتُه قَبلَ أنْ يَرجِعَ إليه، فإنْ رجَعَ إليه مِنْ غيرِ نَماءٍ ففيه قَولانِ، قالَ في القَديمِ: لا تَجبُ؛ لأنَّه خرَجَ عن يَدِه وتَصرُّفِه فلم تَجبْ عليه زَكاتُه كالمالِ الذي في يَدِ مُكاتَبِه.
وقالَ في الجَديِد: تَجبُ عليه؛ لأنَّه مالٌ له يَملِكُ المُطالَبةَ به، ويُجبَرُ على التَّسليمِ إليه، فوجَبَت فيه الزَّكاةُ، كالمالِ الذي في يَدِ وَكيلِه، فإنْ رجَعَ إليه مع النَّماءِ ففيه طَريقانِ، قالَ أبو العَباسِ: تَلزمُه زَكاتُه قَولًا واحِدًا؛ لأنَّ الزَّكاةَ إنَّما سقَطَت في أحدِ القَولَينِ لعَدمِ النَّماءِ، وقد حصَلَ له النَّماءُ فوجَب أنْ تَجِبَ.
والصَّحيحُ أنَّه على القَولَينِ؛ لأنَّ الزَّكاةَ لم تَسقُطْ لعَدمِ النَّماءِ فإنَّ الذُّكورَ من الماشيةِ لا نَماءَ فيها، وتَجِبُ فيها الزَّكاةُ، وإنَّما سقَطَت لنُقصانِ المِلكِ بالخُروجِ عن يَدِه وتَصرُّفِه وبالرُّجوعِ لم يَعدْ ما فاتَ من اليَدِ والتَّصرُّفِ.