اختَلفَ الفُقهاءُ في حُكمِ الماءِ المُسخَّنِ بغيرِ الشَّمسِ أو المُسخَّنِ بالنَّجاسةِ هل يَجوزُ استِعمالُه بدونِ كَراهةٍ أو لا؟
فذهَبَ المالِكيةُ والشافِعيةُ والحَنابِلةُ وأبو حَنيفةَ إلى أنَّ الماءَ المُسخَّنَ بالنارِ لا يُكرهُ استِعمالُه لعَدمِ ثُبوتِ نَهيٍ عنه، ولذَهابِ الزُّهومةِ لقُوةِ تأثيرِها، وأضافَ الشافِعيةُ وأبو حَنيفةَ: ولو كانَ التَّسخينُ بنَجاسةٍ، وكرِهَ ذلك المالِكيةُ، أي: التَّسخينَ بالنَّجاسةِ (١).
أمَّا الحَنابِلةُ فجعَلوا الماءَ المُسخَّنَ بالنَّجاسةِ على ثَلاثةِ أقسامٍ:
قالَ ابنُ قُدامةَ: أحدُها: أنْ يَتحقَّقَ شَيءٌ من أَجزاءِ النَّجاسةِ إلى الماءِ فيُنجِّسَه إذا كانَ يَسيرًا.
والثاني: ألَّا يَتحقَّقَ وُصولُ شَيءٍ من أَجزاءِ النَّجاسةِ إلى الماءِ، والحائِلُ غيرُ حَصينٍ، فالماءُ على أصلِ الطَّهارةِ ويُكرهُ استِعمالُه.
والثالِثُ: إذا كانَ الحائِلُ حَصينًا، قالَ القاضِي: يُكرهُ، واختارَ الشَّريفُ أبو جَعفرٍ وابنُ عَقيلٍ أنَّه لا يُكرهُ؛ لأنَّه غيرُ مُتردِّدٍ في نَجاستِه بخِلافِ التي قبلَها.
(١) «الشرح الكبير» (١/ ٧٤)، و «مواهب الجليل» (١/ ٨٠)، و «الحاوي الكبير» (١/ ٤١)، و «نهاية المحتاج» (١/ ٧١)، و «مغني المحتاج» (١/ ٨١)، و «روضة الطالبين» (١/ ١٤٢)، و «حاشية الجمل» (١/ ٣٦)، و «كفاية الأخيار» ص (٥٤)، و «المغني» (١/ ٤١)، و «مجموع الفتاوى» (٢١/ ٦١٢).