للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ الحَطَّابُ : إذا أقَرَّ على نَفسِه بالطَّلاقِ فادَّعَتْ عليهِ الزَّوجةُ مِنْ عَدَدِ الطَّلاقِ أكثَرَ ممَّا أقَرَّ بهِ يَجبُ عليهِ أنْ يَحلِفَ، بخِلافِ ما إذا ادَّعَتْ عليهِ أنهُ طلَّقَ وأنكَرَ (١).

وقالَ الخِرَقيُّ الحنبَليُّ : إذا طلَّقَ فلم يَدرِ أواحِدَةً طلَّقَ أم ثلاثًا؟ لا يَحلُّ لهُ وَطؤُها حتَّى يَتيقَّنَ، وهذا رِوايةٌ عَنْ أحمَدَ أنهُ يَحرُمُ عليهِ وطؤُها؛ لأنَّه مُتيقِّنٌ للتَّحريمِ شَاكٌّ في التَّحليلِ، وعليهِ نَفقتُها ما دامَتْ في العدَّةِ؛ لأنَّ الأصلَ بقاؤُها استِنادًا لبَقاءِ النِّكاحِ، ولأنهُ لو تَنجَّسَ ثَوبُه ولَم يَدرِ مَوضِعَ النَّجاسةِ منهُ لا يَحلُّ له أنْ يُصلِّيَ فيهِ حتَّى يَغسِلَ ما تَيقَّنَ بهِ طَهارتَه، فكذا هُنا، والجامِعُ بيْنَهما تَيقُّنُ الأصلِ والشَّكُ فيما بعْدَه (٢).

القِسمُ الثَّالثُ: الشَّكُّ في مَحلِّ الطَّلاقِ: كمَنْ طلَّقَ مُعيَّنةً ثمَّ نَسِيَها:

اختَلفَ الفُقهاءُ فيما لو أوقَعَ الطَّلاقَ على زَوجةٍ مُعيَّنةٍ مِنْ زَوجتَينِ فأكثَرَ ثمَّ شَكَّ في المُوقعِ عليها أَهندُ هيَ أم غَيرُها؟ أو حلَفَ بطَلاقِ واحِدةٍ فحنَثَ ولم يَدرِ مَنْ هيَ مِنهُما أو مِنهنَّ.

فذهَبَ الحنفيَّةُ إلى أنَّ الرَّجلَ إذا كانَ لهُ أربَعُ نِسوةٍ فطلَّقَ مِنهنَّ واحِدةً بعَينِها ثمَّ نَسِيَها فلم يَعرِفْها فليسَ لهُ أنْ يَقرَبَ مِنهنَّ شَيئًا بتَحرٍّ حتَّى يَعلمَ المُطلَّقةَ بعَينِها مِنْ غَيرِها، وكذلكَ إنْ متنَ كُلُّهنَّ إلَّا واحِدةً لم يَسعْهُ أنْ


(١) «مواهب الجليل» (٥/ ٣١٦).
(٢) «المغني» (٧/ ٣٧٩)، و «شرح الزركشي» (٢/ ٤٨٢)، و «المبدع» (٧/ ٣٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>