للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في عِتقِ الرَّقبةِ فيَجوزُ أنْ يكونَ إعتاقُها تَكفيرًا ليَمينِها، فإنَّ عِتقَ الرَّقبةِ أحَدُ خِصالِ كفَّارةِ اليَمينِ، ويَتعيَّنُ حَملُه على هذا؛ لكَونِ المَوجودِ مِنها ليسَ بظِهارٍ، وكلامُ أحمَدَ في رِوايةِ الأثرَمِ لا يَقتضي وُجوبَ كفَّارةِ الظهارِ، إنَّما قالَ: الأحوَطُ أنْ تُكفِّرَ، وكذا حَكاهُ ابنُ المُنذِرِ.

ولا شَكَّ في أنَّ الأحوَطَ التَّكفيرُ بأغلَظِ الكفَّاراتِ؛ لِيخرجَ مِنْ الخِلافِ، ولكنْ ليسَ ذلكَ بواجبٍ عليه؛ لأنه ليسَ بمَنصوصٍ عليه ولا هو في معنَى المَنصوصِ، وإنَّما هو تَحريمٌ للحَلالِ مِنْ غيرِ ظِهارٍ، فأشبَهَ ما لو حرَّمَ أمَتَه أو طَعامَه، وهذا قولُ عَطاءٍ، واللهُ أعلَمُ (١).

أثَرُ الظِّهارِ:

إذا صَحَّ الظِّهارُ وتَحقَّقتْ شُروطُه ترتَّبَ عليهِ الآثارُ التاليةُ:

أولاً: حُرمةُ الوَطءِ قبْلَ التَّكفيرِ عنِ الظِّهارِ:

اتَّفقَ فُقهاءُ المُسلمينَ على أنَّ المُظاهِرَ يَحرمُ عليهِ وَطءُ امرَأتِه قبْلَ أنْ يُكفِّرَ إذا كانَتِ الكفَّارةُ عِتقًا أو صَومًا، لقَولِ اللهِ تَعالى: ﴿وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (٣)﴾ ثمَّ قالَ: ﴿فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا﴾ [المجادلة: ٣، ٤]، فنَصَّ على تَحريمِ الوَطءِ قبلَ العِتقِ والصِّيامِ.


(١) «المغني» (٨/ ٣٥)، ويُنظَر: «أحكام القرآن» للجصاص (٥/ ٣١٠، ٣١١)، و «مختصر اختلاف العلماء» (٢/ ٤٩١، ٤٩٢)، و «الإنصاف» (٩/ ٢٠٠، ٢٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>