للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإنْ ثبَتَتْ خِيانةُ العامِلِ في المُساقاةِ بإقرارِه أو ببيِّنةٍ أو يَمينٍ مَردودةٍ، ضُمَّ إليه مُشرِفٌ إلى أنْ يَتمَّ العَملُ، ولا تُزالُ يَده؛ لأنَّ العَملَ حَقٌّ عليه، ويُمكِنُ استيفاؤُه منه بهذه الطَّريقةِ، فتَعيَّنَ سُلوكُها جَمعًا بينَ الحَقَّيْنِ، وأُجرةُ المُشرِفِ عليه.

نَعَمْ لَو لَم تَثبُتِ الخِيانةُ، ولَكِنِ ارتابَ المالِكُ فيهِ؛ فإنَّه يُضَمُّ إليه مُشرِفٌ وأُجرَتُه حينئذٍ على المالِكِ.

فَإنْ لَم يَتحَفَّظْ بالمُشرِفِ أُزيلَتْ يَده بالكُليَّةِ واستُؤجِرَ عليه مِنْ مالِ العامِلِ مَنْ يُتِمُّ العَملَ، فتَعذَّرَ استيفاءُ العَملِ الواجِبِ عليه مِنه، والقُدرةُ عليه بهذه الطَّريقةِ (١).

وقالَ الحَنابِلةُ: العامِلُ أمينٌ، والقولُ قولُه فيما يدَّعيه مِنْ هَلاكٍ، وما يُدَّعَى عليه مِنْ خِيانةٍ؛ لأنَّ ربَّ المالِ ائتَمَنَه بدَفعِ مالِه إلَيه، فهو كالمُضارِبِ، فإنِ اتُّهِمَ حلَف، فإنْ ثبَتَتْ خِيانَتُه بإقرارٍ، أو ببيِّنةِ، أو نُكولِه، ضُمَّ إليه مَنْ يُشرِفُ عليه؛ فإنْ لَم يُمكِنْ حِفظُه استُؤجِرَ مِنْ مالِه مَنْ يَعمَلُ عَملَه (٢).

العُذرُ الثَّاني: مَرَضُ العامِلِ وعَجزُه عن العَملِ:

اختَلفَ الفُقهاءُ في العامِلِ في المُساقاةِ إذا عَجَزَ عن العَملِ لِمَرَضٍ، أو لِكِبَرٍ أو لِسَفَرٍ أو لِغَيرِ ذلك، هَلْ تَنفَسِخُ المُساقاةُ بهذا أو لا؟

فذهبَ الحَنفيَّةُ إلى أنَّها تَنفَسِخُ بعُذرِ المَرَضِ والعَجزِ عن العَملِ،


(١) «روضة الطالبين» (٣/ ٧٨٢)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٣٧٦)، و «النجم الوهاج» (٥/ ٣١٢)، و «الديباج» (٢/ ٤٥٤).
(٢) «المغني» (٥/ ٢٣٦، ٢٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>