وأشارَ المُصنِّفُ إلى خِلافٍ في ذلكَ، أخرَجَه سَعيدُ بنُ مَنصورٍ حدَّثَنا هُشيمٌ أنبَأَنا يُونسُ عَنِ الحسَنِ البَصريِّ قالَ: «لا يَجوزُ الخُلعُ دُونَ السُّلطانِ».
وقالَ حمَّادُ بنُ زَيدٍ عَنْ يَحيَى بنِ عتيقٍ عَنْ مُحمدِّ بنِ سِيرينَ: «كانُوا يَقولُونَ» فذكَرَ مِثلَه، واختَارُه أبُو عُبيدٍ واستَدلَّ بقَولِه تعالَى: ﴿فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ﴾ [البقرة: ٢٢٩] وبقولِه تَعالى: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا﴾ [النساء: ٣٥] قالَ: فجَعلَ الخَوفَ لغَيرِ الزَّوجَينِ ولَم يَقُلْ: فإنْ خافَا، وقوَّى ذلكَ بقَراءةِ حمْزَةَ في آيةِ البابِ: ﴿إِلَّا أَنْ يُخَافَا﴾ بضَمِّ أولِه عَلى البِناءِ لِلمَجهولِ، قالَ: والمُرادُ الوُلاةُ، وردَّهُ النَّحاسُ بأنَّه قَولٌ لا يُساعِدُه الإعرابُ ولا اللَّفظُ ولا المَعنَى، والطَّحاويُّ بأنَّه شاذٌّ مخالِفٌ لِمَا عليهِ الجَمُّ الغَفيرُ، ومِن حَيثُ النَّظرِ أنَّ الطَّلاقَ جائزٌ دونَ الحاكمِ فكذلكَ الخُلعُ (١).
لكنْ اختارَ بعضُ فُقهاءِ الحَنابلةِ -وهو أحدُ قَولَي شَيخِ الإسلامِ ابنِ تَيميةَ ﵀ أنَّ الزَّوجةَ إذا كانَتْ مُبغِضةً للزَّوجِ وتختارُ فِراقَه فيُلزمُ الزَّوجَ الإجابةَ إلى ذلكَ.
(١) «فتح الباري» (٩/ ٣٩٦، ٣٩٧)، ويُنظر: «مختصر اختلاف العلماء» (٢/ ٤٦٥، ٤٦٦)، و «شرح صحيح البخاري» (٧/ ٤٢٤)، و «الإشراف على نكت مسائل الخلاف» (٣/ ٣٧٨، ٣٧٩)، رقم (١٢٠٨)، و «المهذب» (٢/ ٧١)، و «البيان» (١٠/ ١٥)، و «المغني» (٧/ ٢٤٦، ٢٤٧)، و «الكافي» (٣/ ١٤٤)، و «المبدع» (٧/ ٢٢٠، ٢٢١)، و «كشاف القناع» (٥/ ٢٤٢، ٢٤٣)، و «فتح الباري» (٩/ ٣٩٦، ٣٩٧)، و «عمدة القاري» (٢٠/ ٢٦١).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute