للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المعاوضة المُحتمِلة للفَسخِ بالبيعِ والشِّراءِ في جَوازِ فَسخِها بالتَّراضي، ولأنها فُرقةٌ خلَتْ عن صَريحِ الطَّلاقِ ونيَّتِه، فكانَتْ فسخًا كسائِرِ الفُسوخِ.

وأمَّا حَديثُ: «اقبَلِ الحَديقةَ وطلِّقَها تَطليقةً» فهو مِنْ رِوايةِ عِكرمةَ عنِ ابنِ عبَّاسٍ أنَّ رَسولَ اللهِ قالَ: «اقبَلِ الحَديقةَ وطلِّقْها تَطليقةً»، وقد ثبَتَ عنِ ابنِ عبَّاسٍ وعِكرمةَ وغيرِهما أنهم لم يكونُوا يَجعلونَ الخُلعَ مِنْ الطَّلاقاتِ الثَّلاثِ، قالَ أحمَدُ بنُ حَنبلٍ: حدَّثَنا يَحيَى بنُ سَعيدٍ القَطَّان عن سُفيانَ عن عَمرِو بنِ دِينارٍ عن طاووسٍ عنِ ابنِ عبَّاسٍ قالَ: «الخُلعُ تَفريقٌ وليسَ بطلاقٍ»، وقالَ عبدُ اللهِ بنُ أحمَدَ: رَأيتُ أبِي يَذهبُ إلى قولِ ابنِ عبَّاسٍ، وهو قَولُ إسحاقَ وأبي ثَورٍ وداودَ وأصحابهِ غيرَ ابنَ حَزمٍ.

ورَوى عبدُ الرَّزاقِ عنِ ابنِ جُريجٍ عنِ ابنِ طاوُوسٍ قالَ: كانَ أبِي لا يَرَى الفِداءَ طلاقًا ويُخيِّرُ لهُ بيْنَهما، وقالَ ابنُ جُريجٍ: أخبَرني عَمرُو بنُ دِينارٍ أنه سَمعَ عِكرمةَ سَمعَ ابنَ عبَّاسٍ يقولُ: «كُلُّ شيءٍ أجازَهُ المالُ فليسَ بطلاقٍ -يَعني الخُلعَ-» (١).

فهذا عِكرمةُ يَقولُ: «إنَّ كلَّ فُرقةٍ وقَعَتْ بمالٍ فليسَتْ مِنْ الطَّلاقِ الثَّلاثِ»، وذلكَ أنَّ هذا هو مَعنَى الفِديةِ المَذكورةِ في كِتابِ اللهِ، والفِديةُ ليسَتْ مِنْ الطَّلاقِ الثَّلاثِ كما بيَّنَه ابنُ عبَّاسٍ، مع أنَّ ابنَ عبَّاسٍ وعِكرمةَ هُما اللَّذانِ رَوى البُخاريُّ مِنْ طَريقِهما حديثَ امرَأةِ ثابتِ بنِ قَيسٍ كما تقدَّمَ (٢).


(١) رواه عبد الرزاق في «مصنفه» (١١٧٧٠)، وسعيد بن منصور في «سننه» (١٤٥٤).
(٢) «مسائل الإمام أحمد وابن راهويه» (١/ ٤٩٠)، و «المغني» (٧/ ٢٤٩)، و «مجموع =

<<  <  ج: ص:  >  >>