للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابنِ أبيٍّ، فأتَى أخوها يَشتكيهِ إلى رسولِ اللهِ ، فأرسَلَ رَسولُ اللهِ إلى ثابتٍ فقالَ لهُ: «خُذِ الَّذي لها عليكَ وخَلِّ سَبيلَها، قالَ: نعَمْ، فأمَرَها رَسولُ اللهِ أنْ تترَبَّصَ حَيضةً واحدةً فتَلحقَ بأهلِها» (١).

قالَ الخَطَّابيُّ : في هذا أقوَى دَليلٍ لمَن قالَ أنَّ الخُلعَ فسخٌ وليسَ بطَلاقٍ؛ إذ لو كانَ طلاقًا لم تَكتفِ بحَيضةٍ للعدَّةِ (٢).

وَعن ابنِ عباسٍ أنَّ إبراهيمَ بنَ سَعدِ بنِ أبي وقَّاصٍ سألَه فقالَ: رَجلٌ طلَّقَ امرَأتَه تَطليقتينِ ثمَّ اختَلعَتْ منه، أيَتزوَّجُها؟ قالَ: «نعَمْ ليَنكِحْها، ليسَ الخُلعُ بطلاقٍ، ذكَرَ اللهُ ﷿ الطَّلاقَ في أوَّلِ الآيةِ وآخِرِها والخُلعَ فيما بينَ ذلكَ، فليسَ الخُلعُ بشَيءٍ، ثمَّ قالَ: ﴿الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ﴾ [البقرة: ٢٢٩]، وقرَأَ: ﴿فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ﴾ [البقرة: ٢٣٠]» (٣).

فذكَرَ تَطليقتَينِ والخُلعَ وتَطليقةً بعدَها، فلو جَعلْنَا الخُلعَ طلاقًا صارَتِ التَّطليقاتُ أربَعًا في سِياقِ هذهِ الآيةِ، ولا يكونُ الطَّلاقُ أكثَرَ مِنْ ثَلاثٍ، ولأنَّ النِّكاحَ عقدٌ مُحتمِلٌ للفَسخِ حتَّى يُفسَخُ بخِيارِ عدمِ الكفاءةِ وخيارِ العِتقِ وخيارِ البُلوغِ، فيَحتملُ الفَسخَ بالتَّراضي أيضًا وذلكَ بالخُلعِ، واعتبرَ هذهِ


(١) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه النسائي (٣٤٩٧).
(٢) «فتح الباري» (٩/ ٤٠٢).
(٣) رواه سعيد بن منصور في «سننه» (١٤٥٥)، والشافعي في «الأم» (٥/ ١١٤)، وعبد الرزاق في «مصنفه» (١١٧٧١)، والبيهقي في الكبرى (١٤٦٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>