للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعنْ سَعيدِ بنِ المُسيَّبِ «أنَّ النَّبيَّ جعَلَ الخُلعَ تَطليقةً» (١).

ولِمَا رَواهُ مالِكٌ عَنْ هِشامِ بنِ عُروةَ عن أبيهِ عن جُمْهانَ مَولَى الأسلَميِّينَ عن أمِّ بكرٍ الأسلَميَّةِ «أنها اختلَعَتْ مِنْ زَوجِها عبدِ اللهِ بنِ أُسَيدٍ، ثمَّ نَدمَتْ ونَدمَ، ثمَّ أتَيَا عُثمانَ في ذلكَ، فقالَ: هي تَطليقةٌ، إلا أنْ تكونَ سَمَّيتَ شيئًا فهوَ ما سَمَّيتَ، فراجَعَها» (٢).

ولأنَّ كلَّ فُرقةٍ تَعلَّقتْ بإرادةِ الزَّوجَينِ لا عَنْ غَلبةٍ فإنها لا تَكونُ فَسخًا، بل تكونُ طَلاقًا، أصلُه إذا تزوَّجَ عليها فطالَبَتْه بالفِراقِ، ولأنَّ الزَّوجةَ بذَلَتِ العِوضَ للزَّوجِ للفُرقةِ الَّتي يَملكُها الزَّوجُ، والفُرقةُ الَّتي يَملكُ الزَّوجُ إيقاعَها هي الطَّلاقُ دُونَ الفَسخِ؛ فوجَبَ أنْ يكونَ طلاقًا، ولأنه أتَى بكِنايةِ الطَّلاقِ قاصِدًا فِراقَها، فكانَ طلاقًا كغيرِ الخُلعِ.

فإنْ قيلَ: إذا قالَ بلَفظِ الخُلعِ كانَ بمِنزلةِ الإقالَةِ في البَيعِ، فتكونُ فَسخًا لا بَيعًا مُبتدَأً.

قيلَ لهُ: لا خِلافَ في جَوازِ الخُلعِ بغيرِ مالٍ وعلى أقلَّ مِنْ المَهرِ، والإقالَةُ لا تَجوزُ إلَّا بالثَّمنِ الَّذي كانَ في العَقدِ، ولو كانَ الخُلعُ فسخًا كالإقالَةِ لَمَا جازَ إلَّا بالمهرِ الَّذي تزوَّجَها عليهِ، وفي اتِّفاقِ الجَميعِ على جَوازِه بغيرِ مالٍ وبأقلَّ مِنْ المهرِ دَلالةٌ على أنَّه طَلاقٌ بمالٍ وأنَّه


(١) ضَعِيفٌ مُرْسَل: رواه ابن ابي شيبة في «مصنفه» (١٨٤٣٣).
(٢) حَدِيثٌ ضَعِيفٌ: رواه مالك في «الموطأ» من رواية محمد بن الحسن (٢/ ٤٩٠)، والشافعي في «مسنده» (٢٦٧)، وعبد الرزاق في «مصنفه» (١١٧٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>