قالَ المالِكيةُ: المَشهورُ أنَّ الحَكَمينِ طَريقُهما الحُكمُ لا الوَكالةُ ولا الشهادَةُ ولو كانَا مِنْ جِهةِ الزَّوجينِ، فإذا حكَمَا بطَلاقٍ ولو خُلعًا نفَذَ، ولا يَحتاجُ إلى مُراجَعةِ حاكمِ البلدِ ولا إلى رضَا الزَّوجينِ.
ومَحلُّ نُفوذِ طَلاقِهما إنْ لم يَزيدَا في حُكمِهما على طَلقةٍ واحِدةٍ، وإلَّا فلا يَنفذُ الزَّائدُ على الوَاحدةِ؛ لأنَّ الزَّائدَ خارِجٌ عن مَعنَى الإصلاحِ الَّذي بُعثَا إليهِ، وللزَّوجِ رَدُّ الزَّائدِ.
وإذا اختَلفَا في العَددِ بأنْ حكَمَ أحَدُهما بواحدةٍ وحكَمَ الآخَرُ باثنتَينِ أو ثَلاثٍ أو بالبتَّةِ فلا يَلزمُ الزَّوجَ إلَّا واحِدةٌ؛ لاتِّفاقِهما عليها على المَشهُورِ.
وقيلَ: لا يَلزمُ شَيءٌ؛ لاختِلافِهما.
وكذا الحُكمُ لو قالَ أحَدُهما:«أوْقَعْنا معًا اثنتَينِ، أو ثَلاثًا» وقالَ الآخَرُ: «بل أوْقَعْنا معًا واحِدةً» فواحِدةٌ.
وعلى الحَكَمينِ أنْ يُصلحَا بينَ الزَّوجينِ بكُلِّ وجهٍ أمكَنُهما للأُلفةِ وحُسنِ المُعاشَرةِ، بأنْ يَخلوَ كلُّ واحدٍ منهُما بقَريبِه ويَسألَه عمَّا كَرهَ مِنْ صاحبِه ويَقولَ لهُ:«إنْ كانَ لكَ حاجةٌ في صاحبِكِ ردَدْناهُ إلى ما تَختارُ معهُ»، فإنْ تعذَّرَ عليهِما ذلكَ نظَرَا؛ فإنْ كانَتِ الإساءةُ مِنْ الزَّوجِ طلَّقَا عليهِ بلا شَيءٍ يأخُذانِه منها لهُ مِنْ صَداقٍ ولا غيرِه، وإنْ كانَتِ الإساءةُ منها ائْتَمناهُ عليها، بمَعنَى أنهُما يَجعلانِه أمينًا عليها بالعَدلِ وحُسنِ العِشرةِ، وإنْ رأَيَا أنْ يأخُذَا له منها شَيئًا ويُوقِعَا الفِراقَ بينَهُما فَعَلا إنْ كانَ ذلكَ نظَرًا وسَدادًا، ولو كانَ ما أخَذاهُ منها لهُ أكثَرَ مِنْ صَداقِها إنْ أحَبَّ الزَّوجُ الفِراقَ أو عَلِمَا أنها لا تَستقيمُ معهُ.