للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنْ كانَتِ الإساءةُ منهُما معًا ولو غلَبَتْ مِنْ أحَدِهما على الآخَرِ فهل يَتعيَّنُ عندَ العَجزِ عنِ الإصلاحِ الطَّلاقُ بلا عِوضٍ منها إنْ لم تَرْضَ بالمَقامِ معهُ؟ أو لهما أنْ يُخالِعَا بالنَّظرِ على شَيءٍ يَسيرٍ منها لهُ؟ وعلى الأوَّلِ أكثَرُ الأشياخِ.

وإذا عَلِمْنا أنَّ الحَكَمينِ طَريقُهما الحُكمُ لا الشَّهادةُ ولا الوَكالةُ كما قِيلَ، فإذا حكَمَا بينَ الزَّوجينِ فإنهُما يأتِيانِ إنْ شاآ إلى الحاكِمِ الَّذي أرسَلَهما يُخبِرانِه بما حكَمَا بهِ، وعليهِ أنْ يُنفذَ حُكمَهما، ونفَذَ طَلاقُهما وإنْ لم يرْضَ الزَّوجانُ والحاكِمُ.

وقيلَ: يَجبُ أنْ يَذهبَا إلى الحاكمِ الَّذي أرسَلَهما، فيُخبِراهُ بما فَعَلا لِيَحتاطَ عِلمُه بالقَضيةِ، فإذا أخبَراهُ وجَبَ عليهِ إمضاؤُه مِنْ غيرِ تَعقُّبٍ وإنْ خالَفَ مَذهبَه، بل يَحكمُ بما حكَمَا بهِ؛ ليَرفعَ حُكمُه الخِلافَ بينَ العُلماءِ؛ ليَصيرَ رَفعُ الخِلافِ متَّفَقًا عليهِ حِينئذٍ.

ويَجوزُ للزَّوجينِ أنْ يُقيمَا واحِدًا يَحكمُ بينَهُما على الصِّفةِ المُتقدِّمةِ مِنْ كَونِه عَدلًا عارِفًا بما يَحكمُ به في هذا البابِ، ولا يَجوزُ ذلكَ للحاكمِ ولا لوَليِّ الزَّوجينِ المَحجورَينِ؛ لأنَّ في ذلكَ إسقاطًا لحَقٍّ الزَّوجينِ، لكنْ إنْ نزَلَ لا يُنقضُ حُكمُه كما عليهِ الباجِي، وقالَ اللَّخميُّ: يَجوزُ للسُّلطانِ وللوَليينِ أنْ يُقيمَا رَجلًا أجنَبيًّا يَحكمُ بينَ الزَّوجينِ على الصِّفةِ المُتقدِّمةِ حيثُ كانَ أجنَبيًّا مِنها، قال: لأنَّه إنَّما جُعلَ رَجلانِ إذا كانَا مِنْ الأهلِ؛ لأنَّ كلَّ واحِدٍ يَستَنبطُ

<<  <  ج: ص:  >  >>