عليَّ بنَ أبي طالِبٍ وجاءَتْه امرأةٌ معَ زَوجِها معَ كلِّ واحِدٍ منهُما فِئامٌ مِنْ الناسِ، فأخرَجَ هؤلاءِ حكَمًا وهؤلاءِ حكَمًا، فقالَ عليٌّ للحكَمَينِ: «أتَدْريانِ ما عَليكُما؟ إنَّ عَليكُما إنْ رأَيْتُما أنْ تُفرِّقَا فرَّقْتُما، وإنْ رأَيْتُما أنْ تَجمَعَا جَمعْتُما»، فقالَ الزَّوجُ: أمَّا الفُرقةُ فلا، فقالَ عليٌّ: كذَبْتَ واللهِ، لا تَبرحُ حتَّى تَرضَى بكِتابِ اللهِ لكَ وعليكَ، فقالَتِ المرأةُ: رَضيْتُ بكتابِ اللهِ لي وعلَيَّ».
وروَى وَكيعٌ عن مُوسى عَنْ عُبيدةَ عن مُحمدِ بنِ كَعبٍ قالَ: قالَ عليٌّ: «الحَكَمانِ بهِما يَجمعُ اللهُ وبهِما يُفرِّقُ».
ومِن حُجةِ مَنْ قالَ بقولِ الشَّافعيِّ وأبي حَنيفةَ قولُ عليٍّ ﵁ للزَّوجِ: «لا تَبرحُ حتَّى تَرضَى بما رَضِيَتْ بهِ»، فدَلَّ على أنَّ مَذهبَه أنَّهُما لا يُفرِّقانِ إلَّا برِضَا الزَّوجِ.
والأصلُ المُجتمَعُ عليهِ أنَّ الطَّلاقَ بيَدِ الزَّوجِ أو بيَدِ مَنْ جعَلَ ذلكَ إلَيهِ.
وجعَلَه مالِكٌ ومَن تابَعَه في بابِ طَلاقِ السُّلطانِ على المُولي والعِنِّينِ.
واختَلفَ أصحابُ مالِكٍ في الحَكَمينِ يُطلِّقانِ ثَلاثًا:
فقالَ ابنُ القاسِمِ: تَكونُ واحِدةً بائِنةً، ورُويَ نحوُ ذلكَ عن مالِكٍ.
وقالَ المُغيرةُ وأشهَبُ: إنْ طلَّقَها ثَلاثًا فهيَ ثلاثٌ، وباللهِ التَّوفيقُ (١).
(١) «الاستذكار» (٦/ ١٨٤)، و «شرح صحيح البخاري» لابن بطال (٧/ ٤٢٥)، و «بداية المجتهد» (٢/ ٧٤).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute