وفيهِ أنْ ترْكَ التَّسويةِ بينَ النِّساءِ وتَفضيلَ بعضِهنَّ على بَعضٍ لا يجوزُ إلَّا بإذنِ المَفضولةِ ورِضاها (١).
قالَ الحنفيَّةُ: إذا خافَتِ المَرأةُ مِنْ زَوجِها أنْ يَنفرَ عنها أو يُعرضَ عنها فلها أنْ تُسقِطَ عنهُ حقَّها أو بعضَه مِنْ نَفقةٍ أو كِسوةٍ أو مَبيتِ أو غيرِ ذلكَ مِنْ حُقوقِها عليهِ، ولهُ أنْ يَقبلَ ذلكَ منها، فلا جُناحَ عليها في بَذلِها ذلكَ لهُ، ولا عليهِ في قبولِه منها، ولهذا قالَ اللهُ تعالَى: ﴿فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا﴾ [النساء: ١٢٨]، ثمَّ قالَ: ﴿وَالصُّلْحُ خَيْرٌ﴾ أي: مِنْ الفِراقِ، وروَى أبو داودَ الطَّيالِسيُّ: حدَّثنا سُليمانُ بنُ مُعاذٍ عن سِماكِ بنِ حَربٍ عن عِكرمةَ عنِ ابنِ عبَّاسٍ ﵄ قالَ: «خَشِيَتْ سَودةُ أنْ يُطلِّقَها رَسولُ اللهِ ﷺ فقالَتْ: يا رسولَ اللهِ لا تُطلِّقْني واجعَلْ يَومِي لعائِشةَ، ففعَلَ ونزَلَتْ هذهِ الآيةُ: ﴿وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ﴾ [النساء: ١٢٨] الآية»، ورواهُ التِّرمذيُّ عن مُحمدِ بنِ المُثنَّى عن أبي داودَ الطَّيالسيِّ وقالَ: حسَنٌ غريبٌ، وقيلَ: نزَلَتْ في رافعِ بنِ خديجٍ، طلَّقَ زوْجتَه واحِدةً وتزوَّجَ شابَّةً، فلمَّا قارَنَ انقِضاءَ العدَّةِ قالَتْ: أُصالِحُكَ على بعضِ الأيامِ، ثمَّ لم تَسمحْ، فطلَّقَها أُخرى، ثمَّ سألَتْه ذلكَ فراجَعَها، فنزَلَتْ هذهِ الآيةُ.
ويَدخلُ في هذا المعنَى جَميعُ ما يقَعُ بينَ الرَّجلِ والمرأةِ في مالٍ أو وَطءٍ أو غيرِ ذلكَ، وكلُّ ما تراضَيَا عليهِ مِنْ الصُّلحِ فهو حلالٌ للرَّجلِ مِنْ زوْجتِه للآيةِ المَذكورةِ.