للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنْ رَضيَتْ إحدَى الزَّوجاتِ بتَركِ قَسْمِها لصاحبتِها جازَ هذا إذا لم يَكنْ بِرشوةٍ مِنْ الزَّوجِ، بأنْ زادَها في مَهرِها لتَفعلَ أو تزوَّجَها بشَرطِ أنْ يتزوَّجَ أخرَى فيُقيمُ عندَها يَومينِ وعندَ المُخاطبةِ يومًا، فإنَّ الشَّرطَ باطلٌ، ولا يَحِلُّ لها المالُ في الصُّورةِ الأُولى، فله أنْ يَرجعَ فيهِ، وأمَّا إذا دفَعَتْ إليهِ أو حطَّتْ عنهُ مالًا لِيَزيدِها فظاهِرٌ أنَّه لا يَلزمُ ولا يَحِلُّ لهُما، ولها أنْ تَرجعَ في مالها؛ لأنَّ ذلكَ أكلُ مالٍ بالباطِلٍ، أو ذلكَ حَقٌّ لا يَجوزُ أخذُ العِوضِ عنهُ؛ لأنَّه لا يَسقطُ مع وُجوبِ السَّببِ المُوجِبِ لهُ، وهو عَقدُ النِّكاحِ، ويُردُّ المالُ إلى صاحبِهِ؛ لأنَّه رِشوةٌ والرِّشوةُ حرامٌ (١).

وقالَ الشَّافعيةُ: إذا ظهَرَتْ مِنْ الزَّوجِ أماراتُ النُّشوزِ، لكنَّه لا يَمنعُها حقَّها ولا يُؤذِيها بضَربٍ ونحوِه، إلَّا أنهُ يَكرهُ صُحبتَها لمَرضٍ أو كِبَرٍ ولا يَدعوها إلى فِراشِه، أو يَهُمُّ بطَلاقِها، أو يُكلِّمُها بكَلامٍ غيرِ ليِّنٍ فلا شيءَ عليهِ في هذا، ويُستحبُّ لها أنْ تَسترضِيَه بتَركِ بعضِ حقِّها مِنْ قَسْمٍ أو نَفقةٍ؛ لقَولِه ﷿: ﴿وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا﴾ [النساء: ١٢٨]، قالَتْ عائِشةُ : «أنزَلَ اللهُ ﷿ هذهِ الآيةَ في المَرأةِ إذا دخَلَتْ في السِّنِّ، فتَجعلُ يومَها لامرأةٍ أخرَى» (٢).


(١) «المبسوط» (٥/ ٢١٩، ٢٢٠)، و «أحكام القرآن» للجصاص (٣/ ٢٧٠)، و «الجوهرة النيرة» (٤/ ٣٧١، ٣٧٢)، و «شرح فتح القدير» (٣/ ٤٣٦، ٤٣٧)، و «عمدة القاري» (١٣/ ٢٧٠).
(٢) «المهذب» (٢/ ٧٠)، و «البيان» (٩/ ٥٣٢)، و «روضة الطالبين» (٥/ ٢٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>