للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلتُ: وكذلكَ فعَلَتْ بنتُ مُحمدِ بنِ مَسلَمةَ، روَى مالِكٌ عنِ ابنِ شِهابٍ عن رافعِ بنِ خديجٍ «أنَّه تَزوَّجَ بنتَ مُحمدِ بنِ مَسلَمةَ الأنصاريةَ فكانَتْ عندَه حتَّى كَبرتْ، فتَزوَّجَ عليها فتاةً شابَّةً فآثَرَ الشَّابةَ عليها، فناشَدَتْه الطَّلاقَ فطلَّقَها واحدةً، ثمَّ أهمَلَها حتَّى إذا كانَتْ تَحِلُّ راجَعَها، ثمَّ عادَ فآثَرَ الشَّابةَ عليها فناشَدَتْه الطَّلاقَ فطلَّقَها واحِدةً، ثمَّ راجَعَها فآثَرَ الشَّابةَ عليها فناشَدَتْه الطَّلاقَ فقالَ: ما شِئتِ، إنَّما بَقيَتْ واحِدةٌ، فإنْ شِئتِ استَقررْتِ على ما تَرَيْنَ مِنْ الأثَرَةِ، وإنْ شِئتِ فارَقْتُكِ، قالَتْ: بل أستَقرُّ على الأثرَةِ، فأمسَكَها على ذلكَ، ولم يَرَ رافعٌ عليهِ إثمًا حينَ قرَّتْ عندَه على الأثرَةِ» رواه مَعمرٌ عنِ الزُّهريِّ بلَفظِه ومَعناهُ وزادَ: فذلكَ الصُّلحُ الَّذي بلَغَنا أنَّه نزَلَ فيهِ ﴿وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ﴾ [النساء: ١٢٨].

قالَ أبو عُمرَ ابنُ عبدِ البَرِّ: قولُه -والله أعلَمُ: (فآثَرَ الشَّابةَ عليها) يريدُ في المَيلِ بنَفسِه إليها والنَّشاطِ لها، لا أنَّه آثَرَها عليها في مَطعمٍ ومَلبسٍ ومَبيتٍ؛ لأنَّ هذا لا يَنبغِي أنْ يُظَنَّ بمِثلٍ رافعٍ، والله أعلَمُ.

وذكَرَ أبو بَكر بنُ أبي شيبةَ قالَ: حدَّثَنا أبو الأحوَصِ عَنْ سِماكِ بنِ حَربٍ عن خالدِ ابن عَرعرةَ عن عليِّ بنِ أبي طالِبٍ «أنَّ رَجلًا سألَهُ عن هذهِ الآيةِ فقالَ: هي المرأةُ تكونُ عندَ الرِّجلِ فتَنبُو عيناهُ عنها مِنْ دَمامتِها أو فَقرِها أو كِبَرِها أو سُوءِ خلُقِها وتَكرهُ فِراقَه، فإنْ وضَعَتْ له مِنْ مَهرِها شَيئًا حَلَّ له أنْ يأخُذَ، وإنْ جعَلَتْ له مِنْ أيَّامِها فلا حرَجَ».

<<  <  ج: ص:  >  >>