للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النُّشوزِ، قالَ النحَّاسُ: الفَرقُ بينَ النُّشوزِ والإعراضِ أنَّ النُّشوزَ التَّباعُدُ، والإعراضُ ألَّا يُكلِّمَها ولا يأنَسَ بها، ونزَلَتِ الآيَةُ بسَببِ سَودةَ بنتَ زَمعةَ، روى التِّرمذيُّ عنِ ابنِ عبَّاسٍ قالَ: «خَشِيَتْ سَودةُ أنْ يُطلِّقَها رسولُ اللهِ فقالَتْ: لا تُطلِّقْني وأمسِكْنِي وأجعَلُ يَومي مِنْكَ لعائِشةَ، ففعَلَ فنزَلَتْ: ﴿فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ﴾ [النساء: ١٢٨]، فمَا اصطَلحَا عليهِ مِنْ شيءٍ فهوَ جائِزٌ»، قالَ: هذا حديثٌ حسَنٌ غريبٌ.

وروَى ابنُ عُيينةَ عنِ الزُّهريِّ عن سعيدِ بنِ المُسيبِ أنَّ رافِعَ بنَ خديجٍ كانَتْ تحتَه خَولةُ ابنةُ مُحمدِ بنِ مَسلَمةَ، فكَرهَ مِنْ أمرِها إمَّا كِبَرًا وإمَّا غيرَه، فأرادَ أنْ يُطلِّقَها فقالَتْ: لا تُطلِّقْني واقسِمْ لي ما شِئتَ، فجَرَتِ السُّنةُ بذلكَ ونزَلَتْ ﴿وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا﴾ [النساء: ١٢٨].

وروَى البُخاريُّ عَنْ عائِشةَ ﴿وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا﴾ [النساء: ١٢٨] قالَتْ: «الرَّجلُ تكونُ عندَه المَرأةُ ليسَ بمُستكثِرٍ منها يُريدُ أنْ يُفارِقَها فتَقولُ: «أجعَلُكَ مِنْ شأني في حِلٍّ» فنزَلَتْ هذهِ الآيةُ» …

في هذهِ الآيةِ مِنْ الفِقهِ الرَّدُّ على الرُّعنِ الجُهَّالِ الَّذينَ يرَونَ أنَّ الرَّجلَ إذا أخَذَ شَبابَ المرأةِ وأسَنَّتْ لا يَنبغِي أنْ يَتبدَّلَ بها، قالَ ابنُ أبي مُلَيكةَ: إنَّ سَودةَ بنتَ زَمعةَ لمَّا أسَنَّتْ أرادَ النبيُّ أنْ يُطلِّقَها فآثَرَتِ الكَونَ معهُ فقالَتْ لهُ: أمسِكْنِي واجعَلْ يَومي لعائِشةَ، ففعَلَ وماتَتْ وهيَ مِنْ أزواجِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>