للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أيُّها الرِّجالُ أنْ تُسوُّوا بينَ نِسائِكم في حُبِّهنَّ بقُلوبِكم حتَّى تَعدِلُوا بَينهنَّ في ذلكَ؛ لأنَّ ذلكَ ممَّا لا تَملِكونَه، ﴿وَلَوْ حَرَصْتُمْ﴾ يعنِي: ولَو حَرصْتُم في تَسوِيتِكُم بَينهنَّ في ذلكَ، قال ابنُ عبَّاسٍ : لا تَستطيعُ أنْ تَعدِلَ بالشَّهوةِ فيما بَينَهنَّ ولَو حرصْتَ.

قالَ ابنُ بطالٍ : قالَ ابنُ المُنذِرِ : ودلَّتْ هذهِ الآيةُ أنَّ التَّسويةَ بَينَهنَّ في المَحبَّةِ غيرُ واجِبةٍ، وقد أخبَرَ النَّبيُّ أنَّ عائِشةَ أحَبُّ إليهِ مِنْ غيرِها مِنْ أزواجِهِ، ﴿فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ﴾ [النساء: ١٢٩] بأَهوائِكم حتَّى يَحمِلَكم ذلكَ أنْ تَجورُوا في القَسْمِ على الَّتي لا تُحبُّونَ، وقولُهُ: ﴿فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ﴾ [النساء: ١٢٩] يَعنِي: لا أيَّمَ ولا ذاتَ بَعْلٍ، ﴿وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (١٢٩)[النساء: ١٢٩]، يَقولُ: وإنْ تُصلِحوا فيما بَينَكم وبَينَهنَّ بالاجتِهادِ مِنْكُمْ في العَدلِ بَينَهنَّ وتتَّقوا المَيلَ فيهِنَّ، فإنَّ اللهَ غَفورٌ لِمَا عَجزَتْ عنهُ طاقَتُكم مِنْ بُلوغِ العَدلِ مِنْكُمْ فيهنَّ (١).

ولمَا رُويَ عن عائِشةَ قالَتْ: «كانَ رَسولُ اللهِ يَقْسِمُ فَيَعْدلُ ويَقُولُ: «اللَّهمَّ هذا قَسْمِي فيما أملِكُ، فلا تَلُمْني فيما تَملِكُ ولا أملِكُ، يَعني الْقلْبَ» (٢).


(١) «شرح صحيح البخاري» لابن بطال (٧/ ٣٣٥، ٣٣٦).
(٢) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه أبو داود (٢١٣٤)، والترمذي (١١٤٠)، والنسائي (٣٩٤٣)، وابن ماجه (١٩٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>