للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإباحةِ افتَرقَا في القَضاءِ، ولأنهُ خَصَّ إحدَى نسائِه بمدَّةٍ يَلحقُه فيها التُّهمةُ، فوجَبَ بهِ القضاءُ كالمُقِيمةِ (١).

وذهَبَ الحَنفيةُ والمالكيَّةُ إلى أنهُ يَجوزُ للزَّوجِ أنْ يُسافِرَ بإحدَى زَوجاتِه مِنْ غيرِ قُرعةٍ.

قالَ الحَنفيةُ: لاحقَّ لهنَّ في القَسْمِ في حالِ السَّفرِ، ويُسافِرُ بمَن شاءَ مِنهنَّ، كما يَجوزُ لهُ أنْ لا يَستصِحبَ واحدةً مِنهنَّ، فكذا لهُ أنْ يُسافِرَ بواحِدةٍ مِنهنَّ أو أكثرَ بلا إذنٍ مِنْ صاحبتِها ولا قُرعةَ، ولأنهُ قد يَتعسَّرُ عليهِ السَّفرُ ببَعضِهنَّ لمرَضٍ بها أو سِمَنٍ أو كَثرةِ أولادٍ، وقد يَأتَمنُ بعضَهنَّ في حفظِ الأمتعةِ في السَّفرِ أو في تَركِها في البَيتِ، وفيه مِنْ الحَرجِ ما لا يَخفَى، والأفضلُ أنْ يقرعَ بينَهنَّ؛ لفِعلِه وهو يدلُّ على الاستِحبابِ، تَطييبًا لِقُلوبهنَّ، والدَّليلُ عليهِ أنهُ لم تَكنِ التَّسويةُ واجِبةً عليهِ في الحضَرِ، وإنَّما كانَ يَفعلُه تَفضُّلًا؛ لمَا رُويَ «أنهُ كانَ عِندَه تِسعٌ، فكانَ يَقْسِمُ لثَمانٍ، ولا يَقْسِمُ لواحِدةٍ»، قالَ عطاءٌ: الَّتي لا يَقْسِمُ لها صَفيَّةُ بنتُ حُييِّ بنِ أخْطَبَ (٢).


(١) «الحاوي الكبير» (٩/ ٥٩٠، ٥٩٣)، و «البيان» (٩/ ٥٢٢، ٥٢٣)، و «روضة الطالبين» (٥/ ٢٢٤، ٢٢٨)، و «الإقناع» (٢/ ٤٣٠)، و «النجم الوهاج» (٧/ ٤١٢، ٤١٣)، و «مغني المحتاج» (٤/ ٤٢١، ٤٢٢)، و «التمهيد» (١٩/ ٢٦٦)، و «المغني» (٧/ ٢٣٨، ٢٣٩)، و «الكافي» (٣/ ١٣٥، ١٣٦)، و «زاد المعاد» (١/ ١٥٢)، و «شرح الزركشي» (٢/ ٤٤٧)، و «كشاف القناع» (٥/ ٢٢٨، ٢٢٩).
(٢) رواه مسلم (١٤٦٥) قالَ الإمامُ النَّوويُّ في «شرح صحيح مسلم» (١٠/ ٥١): وأمَّا قَولُ عَطاءٍ: «الَّتي لا يَقسمُ لها صفيَّةُ» فقالَ العُلماءُ: هو وَهْمٌ مِنْ ابنِ جُريجٍ الرَّاوي عن عَطاءٍ، وإنَّما الصَّوابُ سَودَةُ كما سبَقَ في الأحاديثِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>