للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ اللهُ تعالَى: ﴿تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ﴾ [الأحزاب: ٥١] فكانَ ممَّن يُؤوي عائَشةُ وأمُّ سلَمةَ وزينبُ وحَفصةُ، ومِمَّن أَرجأَ سَودةُ وجُويريةُ وأمُّ حَبيبةَ وصَفِيَّةُ ومَيمُونةُ.

فإذا لَم يَجبْ عليهِ في الحَضَرِ فكيفَ يُستَدلُّ بفِعلِه على الوُجوبِ؟ والقَاعدةُ: أنَّ الفِعلَ أيضًا لا يَدلُّ على الوجوبِ، ولا يُحتَسبُ عليهِ بتلكَ المدَّةِ حتَّى لا يَقضِي لبَقيَّةِ نِسائِه؛ لأنَّه لا حقَّ لَهنَّ في السَّفرِ، ووُجوبُ القَضاءِ يَترتَّبُ على وُجوبِ الأداءِ، ولأنهُ لو كانَ واجبًا عليهِ في السَّفرِ لَمَا سقَطَ حقُّ الباقينَ بالقُرعةِ كما لا يَسقطُ بهِ في الحَضَرِ، وعلى هذا لو أقامَ عندَ واحدةٍ مِنهنَّ شَهرًا في الحَضَرِ ورافقَتْهُ الأُخرى لم يُؤمَرْ بقضاءِ ما مَضَى، وإنَّما يُؤمَرُ أنْ يُسوِّي بَينَهما في المُستقبلِ؛ لأنَّ القَسْمَ إنَّما يكونُ بعدَ الطَّلبِ، ولكنهُ يأثَمُ فيهِ، ولو فعَلَ ذلكَ بعدَ أمْرِ القاضي يُوجَعُ ضَربًا؛ لأنهُ ارتَكبَ مَحظورًا، وهو الجَورُ، ويَقضِي (١).

وقالَ المالكيَّةُ: الرَّجلُ إذا كانَ لهُ زَوجتانِ فأكثرُ وأرادَ أنْ يُسافِرَ لتِجارةٍ أو غَيرِها فإنهُ يَختارُ مِنْ نِسائِه مَنْ يَأخذُها مَعهُ في سَفرِه مِنْ غيرِ قُرعةٍ؛ لأنَّ


(١) «تبيين الحقائق» (٢/ ١٨٠، ١٨١)، و «الجوهرة النيرة» (٤/ ٣٦٩، ٣٧٠)، و «اللباب» (٢/ ٦٠)، و «مختصر الوقاية» (١/ ٣٧٩، ٣٨٠)، و «البحر الرائق» (٣/ ٢٣٦)، و «درر الحكام» (٤/ ١٧٦)، و «الدر المختار» (٣/ ٢٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>