للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على نِسائِه، إنْ شاءَ أقامَ عِندَها، وإنْ شاءَ لم يُقِمْ وسَوَّى بَينَها وبَينَ سائِرِ نِسائِه، وكِلا القَولَينِ قد رُوِيَ أيضًا عَنْ مالِكٍ ، وظاهِرُ الحَديثِ يَشهَدُ لقَولِ مَنْ جعَلَه مِنْ حقِّ المرأَةِ؛ لقَولِه: «للبِكرِ سَبعٌ وللثَّيبِ ثَلاثٌ»، ويُوجِبُ عليهِ في البِكرِ على كلِّ حالٍ أنْ يُقيمَ عندَها سَبعًا، وعندَ الثيِّبِ ثلاثًا على عُمومِ الآثارِ، وهو قَولُ جَماعةٍ أيضًا مِنْ فُقهاءِ الأمصارِ، وهو أمرٌ مَعمولٌ بهِ عندَهم، وحَسبُكَ بقَولِ أنَسٍ: «مَضتِ السُّنَّةُ بذلكَ»، وباللهِ التَّوفيقُ (١).

وقالَ الإمامُ النَّوويُّ : واختَلفَ العُلماءُ في أنَّ هذا الحقَّ للزَّوجِ أو للزَوجةِ الجَديدةِ، ومَذهبُنا ومَذهبُ الجُمهورِ أنهُ حقٌّ لها، وقالَ بَعضُ المالِكيةِ: حقٌّ له على بَقيَّةِ نِسائِه.

واختَلفُوا في اختِصاصِه بِمَنْ لهُ زَوجاتٌ غَيرُ الجَديدةِ، قالَ ابنُ عَبدِ البَرِّ: جُمهورُ العُلماءِ على أنَّ ذلكَ حقٌّ للمَرأةِ بسَببِ الزِّفافِ، سواءٌ كانَ عندَه زَوجةٌ أم لا؛ لعُمومِ الحَديثِ: «إذا تَزوَّجَ البِكرَ أقامَ عِندَها سَبعًا، وإذا تَزوَّجَ الثيِّبَ أقامَ عِندَها ثلاثًا»، لم يَخُصَّ مَنْ لم يَكنْ لهُ زَوجةٌ.

وقالَتْ طائِفةٌ: الحَديثُ فيمَن لهُ زَوجةٌ أو زَوجاتٌ غيرُ هذهِ؛ لأنَّ مَنْ لا زَوجةَ له فهو مُقيمٌ مع هذهِ كلَّ دَهرِه مُؤنِسٌ لها مُتمتِّعٌ بها مُستمتِعةٌ بهِ بلا قاطِعٍ، بخِلافِ مَنْ لهُ زَوجاتٌ؛ فإنهُ جُعِلتْ هذهِ الأيَّامُ للجَديدةِ تَأنيسًا لها مُتَّصلًا لتَستقِرَّ عِشرتُها لهُ وتَذهبَ حِشمتُها ووحشَتُها منهُ، ويَقضِي كلُّ


(١) «التمهيد» (١٧/ ٢٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>