للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واحدٍ مِنهُما لَذَّتُه مِنْ صاحِبِه، ولا يَنقطِعُ بالدَّورانِ على غَيرِها، ورَجَّحَ القاضي عِياضٌ هذا القَولَ، وبهِ جَزَمَ البَغويُّ مِنْ أصحابِنا في فَتاويهِ فقالَ: إنَّما يَثبتُ هذا الحقُّ للجَديدةِ إذا كانَ عِندَه أُخرَى يَبيتُ عِندَها، فإنْ لم تَكنْ أُخرى أو كانَ لا يَبيتُ عِندَها لمْ يَثبتْ للجَديدةِ حقُّ الزِّفافِ، كما لا يَلزمُه أنْ يَبيتَ عندَ زَوجاتِه ابتِداءً، والأوَّلُ أقوَى وهو المُختارُ؛ لعُمومِ الحَديثِ.

واختَلفُوا في أنَّ هذا المقامَ عندَ البِكرِ والثيِّبِ إذا كانَ لهُ زَوجةٌ أُخرى واجِبٌ أم مُستحَبٌّ، فمَذهبُ الشَّافعيِّ وأصحابِه ومُوافقِيهمْ أنهُ واجِبٌ، وهيَ رِوايةُ ابنِ القاسِمِ عَنْ مالِكٍ، ورَوى عنهُ ابنُ عبدِ الحكَمِ أنهُ على الاستِحبابِ (١).

وذهَبَ الحَنفيةُ إلى أنَّ الرَّجلَ إذا تَزوَّجَ المرأةَ بِكرًا كانَتْ أو ثيِّبًا ولهُ امرأةٌ غيرُها لم يُقِمْ عِندَها إلَّا كما يُقيمُ عندَ الَّتي كانَتْ عِندَه، ويَقْسِمُ بَينَهما سواءً، ولا يُفضِّلُها بشيءٍ، فإنْ أقامَ معَ البِكرِ سَبعًا ومعَ الثيِّبِ ثلاثًا قَضى نِساءَه مُدَّةَ مقامِه معها، فلا فَرْقَ بينَ البِكرِ والثيِّبِ، ولا بَينَ الجَديدةِ والقَديمةِ، ولا بَينَ المُسلِمةِ والكِتابيَّةِ في القَسْمِ؛ لقَولِه تعالَى: ﴿فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا (٣)[النساء: ٣]، معناهُ: أنْ لا تَجُوروا، وقولِه تعالَى: ﴿وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ﴾ [النساء: ١٢٩]، وقَولِه : «مَنْ كانَتْ


(١) «شرح صحيح مسلم» (١٠/ ٤٤، ٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>