للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وصاحِبَيه، ومَن رَوى عن أنَسٍ أنَّه شَكَّ هل كانَ النَّبيُّ يَقرأُ البَسمَلَةَ أو لا يَقرؤُها فرِوايَتُه تُوافِقُ الرِّواياتِ الصَّحِيحةَ؛ لأنَّ أنَسًا لم يكن يَعلَمُ هل قَرَأها سِرًّا أو لا، وإنَّما نَفَى الجَهرَ (١).

وهو أيضًا قولُ المالِكيَّةِ إذا قَرَأها فإنَّه يُسِرُّ بها.

قالَ القاضي عَبدُ الوهَّابِ : قد بيَّنا أنَّ المُستحَبَّ تَركُ قِراءَتِها، فإن قَرَأها لم يَجهَر بها؛ خِلافًا لِلشافِعيِّ؛ لمَا رَوى أنَسٌ قالَ: «صلَّيتُ خلفَ رَسولِ اللهِ وأبي بَكرٍ وعمرَ وعُثمانَ وعلِيٍّ؛ فكانوا لا يَجهَرونَ بها»، ورُويَ مِثلُه عن ابنِ مَسعودٍ وعائِشَةَ. ورُويَ عن عَبد اللهِ بنِ مُغَفَّلٍ «أنَّه قالَ لابنِه ورَآهُ يَجهَرُ بها: إيَّاكَ والحَدثَ؛ فإنِّي صلَّيُت مع رَسولِ اللهِ وأبي بَكرٍ وعمرَ وعُثمانَ وعلِيٍّ فلم أسمَع أحَدًا منهم يَقرؤُها؛ إذا قَرأتَ فقُلِ: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [﴿: ٢]» (٢).

وذَهب الشافِعيَّةُ إلى أنَّه يُسنُّ الجَهرُ بالبَسمَلَةِ في الصَّلاةِ الجَهريَّةِ في الفاتِحةِ وفي السُّوَرِ.

قالَ الخَطيبُ: وأمَّا التَّابِعونَ ومَن بعدَهم ممَّن قالَ بالجَهرِ، فهُم أكثرُ مِنْ أن يُذكَروا، وأوسَعُ مِنْ أن يُحصَروا.


(١) «مجموع الفتاوى» (٢٢/ ٢٧٩)، ويُنظر: «بدائع الصنائع» (١/ ٢٠٣، ٢٠٥)، و «شرح معاني الآثار» (١/ ٢٠٤)، و «التجريد» للقدوري (٢/ ٤٩٩، ٥٠٢)، و «تحفة الفقهاء» (١/ ١٢٨)، و «عمدة القاري» (٥/ ٢٩١)، و «الدُّر المختار» (١/ ٤٩١)، و «حاشية الطحطاوي» (١/ ١٧٤)، و «المغني» (٢/ ٢٥، ٣٠)، و «الكافي» (١/ ١٣٠)، و «المبدع» (١/ ٤٣٤)، و «الإنصاف» (٢/ ٤٨).
(٢) «الإشراف على نُكت مسائل الخلاف» (١/ ٢٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>