قالَ الشَّيخُ أبو مُحمدٍ المَقدِسِيُّ: وأمَّا أحاديثُ الجَهرِ فالحُجَّةُ قائِمةٌ بما شَهِدَ له بالصِّحَّةِ، منها ما هو مَروِيٌّ عن سِتَّةٍ مِنْ الصَّحابةِ، أبي هُريرةَ، وأُمِّ سَلمةَ، وابنِ عبَّاسٍ، وأنَسٍ، وعلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ، وسَمُرَةَ بنِ جُندُبٍ ﵃.
أمَّا أبو هُريرةَ فوَرَدت عنه أحادِيثُ دَالَّةٌ على ذلك مِنْ ثَلاثةِ أوجُهٍ: الأوَّلُ: ما هو مُستَنبَطٌ مِنْ مُتَّفَقٍ على صحَّتِه، رَواه البُخاريُّ ومُسلِمٌ عن أبي هُريرةَ قالَ:«في كلِّ صَلاةٍ قِراءَةٌ». وفي رِوايةٍ:«لا صَلاةَ إلَّا بِقِراءَةٍ». قالَ أبو هُريرةَ:«فما أَعلَنَ رَسولُ اللهِ ﷺ أَعلَنَّاهُ لَكُم، وما أَخفَاهُ أَخفَينَاهُ لَكُمْ»، وفي رِوايةٍ:«فما أَسمعَنَا النَّبيُّ ﷺ أَسمَعنَاكُم، وما أَخفَى مِنَّا أَخفَينَاهُ مِنْكُمْ». كلُّ هذه الألفاظِ في الصَّحِيحِ، وبَعضُها في الصَّحِيحَينِ، وبَعضُها في أحَدِهما، ومَعناه يَجهَرُ بما جهرَ به، ويُسِرُّ بما أسَرَّ به، ثم قد ثَبت عن أبي هُريرةَ:«أنَّه كانَ يَجهَرُ في صَلاتِه بالبَسمَلَةِ، فدلَّ على أنَّه سمِع الجَهرَ بها مِنْ رَسولِ اللهِ ﷺ».