للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليهِ، وربُّما أخَذَه مَنْ يَكرهُه صاحبُه، وفي ذلكَ دَناءةٌ وسُقوطُ مُروءةٍ، وما ذكَرَه الصيمريُّ غيرُ صَحيحٍ؛ لأنه لا فائِدةَ في نَثرٍ إذا كانَ يكرهُ التقاطهُ.

فإنْ خالَفَ ونثَرَ فالتَقطَه رَجلٌ .. فهل للذي نثَرَه أنْ يَسترجِعَه؟ فيهِ وجهانِ حكاهُما الدَّاركيُّ:

أحَدُهما: له أنْ يَسترجِعَه؛ لأنه لم يُوجَدْ منهُ لفظٌ يُملكُ به.

والثَّاني: ليسَ له أنْ يَسترجعَه، وهو اختِيارُ المَسعوديِّ في «الإبانة»؛ لأنه نثرٌ للتملُّكِ بحُكمِ العادةِ.

قالَ المَسعوديُّ في «الإبانَة»: لو وقَعَ في حِجْرِ رَجلٍ .. كانَ أحَقَّ به، فلو التَقطَه آخَرُ مِنْ حِجرِه .. أو قامَ فسقَطَ مِنْ حِجرِه فهل يَملكُه المُلتقِطُ؟ الصحيحُ أنه لا يَملكُه.

قالَ الشيخُ أبو حامدٍ: وحُكيَ أنَّ أعرَبيًّا تزوَّجَ امرأةً فنثَرَ على رأسِهِ زَبيبًا وأنشَدَ يَقولُ:

ولمَّا رأيْتُ السُّكرَ العامَ قد غَلا … وأيقَنْتُ أنِّيَ لا مَحالةَ ناكِحُ

نَثرْتُ على رأسِي الزَّبيبَ لصُحبَتِي … وقلتُ: كُلُوا أكلُ الحَلاوةِ صالِحُ

قالَ أبو العبَّاسِ: ولا يُكرَهُ للمُسافرينَ أنْ يَخلطُوا أزوادَهُم ويَأكلُوا وإنْ أكَلَ بعضُهم أكثَرَ مِنْ بَعضٍ، بخِلافِ النِّثارِ؛ لأنَّ النثارَ يُؤخَذُ بقِتالٍ وازدحامٍ، بخِلافِ الزَّادِ (١).


(١) «البيان» (٩/ ٤٩٣، ٤٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>