للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يَحلُّ ولا يَجوزُ؛ لأنَّ مُخرِجَه إنما أرادَ أنْ يَتساوَوْا في أكلِه على وَجهِ ما يُؤكلُ، فمْن أخَذَ منهُ أكثَرَ ممَّا كانَ يأكلُ منه مع أصحابِه على وَجهِ الأكلِ فقدْ أخَذَ حَرامًا وأكَلَ سُحتًا لا مِريَةَ فيهِ ودخَلَ تحتَ الوَعيدِ، وأمَّا ما يُنثَرُ عليهِم ليَنتهِبوهُ فقدْ كَرهَه مالكٌ، وأجازَهُ غيرُه وتأوَّلَ أنَّ النهيَ عن الانتهابِ إنما مَعناهُ انتِهابُ ما لم يُؤذَنْ في انتهابِه (١).

وقالَ الإمامُ الشَّافعيُّ في نَثرِ السُّكرِ واللَّوزِ والجَوزِ: (لو تركَ .. كانَ أحَبَّ إليَّ؛ لأنه يُؤخَذُ بخِلسةٍ ونُهبةٍ، ولا يَتبيَّنُ لي أنه حَرامٌ).

قالَ العَمرانِيُّ : وجُملةُ ذلكَ أنَّ نثْرَ السُّكرِ واللَّوزِ والجَوزِ والزَّبيبِ والدَّراهمِ والدنانيرِ وغيرِ ذلكَ لا يُستحَبُّ، بل يُكرَهُ، ورُويَ: «أنَّ أبا مَسعودٍ الأنصاريَّ كانَ إذا نثَرَ للصِّبيانِ .. يَمنعُ صِبيانَه عن التِقاطِه، واشتَرَى لهم»، وبه قالَ عطاءٌ وعِكرمةُ وابنُ سِيرينَ وابنُ أبي ليلَى ومالكٌ.

وقالَ أبو حَنيفةَ والحَسنُ البَصريُّ وأبو عُبيدٍ وابنُ المُنذِرِ: لا يُكرَهُ.

وقالَ القاضي أبو القاسِمِ الصّيمريُّ: يُكرهُ التِقاطُه، وأما النَّثرُ نَفسُه فمُستحَبٌّ، وقد جَرَتِ العادةُ للسَّلفِ بهِ، ورُويَ «أنَّ النبيَّ لمَّا زوَّجَ عليًّا وأرضاهُ فاطِمةَ وأرضاهَا نثَرَ عَليهِما»، والأولُ هو المَشهورُ، والدليلُ عليهِ أنَّ النثارَ يُؤخَذُ نُهبةً ويُزاحَمُ


(١) «شرح صحيح البخاري» (٦/ ٦٠٣)، و «التاج والإكليل» (٢/ ٦٢٩)، و «مواهب الجليل» (٥/ ٢١٣)، و «شرح مختصر خليل» (٣/ ٣٠٤)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٣/ ٢٠٢)، و «تحبير المختصر» (٣/ ٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>