للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الآيِ أنفُسِها في أنَّها لا تَثبُتُ إلا بالتَّواتُرِ، ولم يُنقَل في ذلك تَواتُرٌ.

فأمَّا قولُ أُمِّ سَلمةَ فهو مِنْ رَأيِها، ولا يُنكَرُ الاختِلافُ في ذلك على أنَّنا نَقُولُ: هي آيَةٌ مُفرَدةٌ؛ لِلفَصلِ بينَ السُّوَرِ.

وحَديثُ أبي هُريرةَ مَوقوفٌ عليه؛ فإنَّه مِنْ رِوايةِ أبي بَكرٍ الحَنَفيِّ عن عَبد الحَميدِ بنِ جَعفَرٍ عن نُوحِ بنِ أبي بِلالٍ قالَ: قالَ أَبو بَكرٍ: راجَعتُ فيه نُوحًا، فوقفَه، وهذا يدلُّ على أنَّ رَفعَه كانَ وَهمًا من عَبد الحَميدِ، وأمَّا إثباتُها بينَ السُّوَرِ في المُصحَفِ فلِلفَصلِ بينَها؛ ولذلك أُفرِدَت سَطرًا على حِدَتِها (١).

وذَهب الشافِعيَّةُ إلى أنَّ ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ آيَةٌ مِنْ الفاتِحةِ؛ لِحَديثِ أُمِّ سَلمةَ : «أنَّ النَّبيَّ قرأَ في الصَّلاةِ ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾، وَعَدَّهَا آيَةً، وَ ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ آيَتَينِ» (٢).

وعن أبي هُريرةَ أنَّ رَسولَ اللهِ قالَ: «إذَا قَرَأتُم فَاتِحَةَ الكتابِ فَاقرَؤُوا: ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾؛ فَأنَّها أُمُّ القُرآنِ وَالسَّبعُ المَثَانِي، وَ ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ إحدَى آيَاتِهَا» (٣). ولأنَّ الصَّحابَةَ أثبَتُوها فيما جَمَعوا مِنْ القُرآنِ؛ فدلَّ على أنَّها آيَةٌ منها.

قالَ الإمامُ النَّوويُّ : مَذهبُنا أنَّ ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ آيَةٌ كامِلةٌ


(١) «المغني» (٢/ ٢٥، ٣٠)، و «الكافي» (١/ ١٣٠)، و «المبدع» (١/ ٤٣٤)، و «الإنصاف» (٢/ ٤٨).
(٢) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: سيأتي تخريجه.
(٣) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه الحاكم في «المستدرك» (٢٠٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>