وَلِعَبدي ما سَأَلَ، فإذا قالَ العَبدُ: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [﴿: ٢]، قالَ اللهُ تَعالَى: حَمِدَنِي عَبدي، وإذا قالَ: ﴿الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ [﴿: ٣]، قالَ اللهُ تَعالَى: أثنَى عَلَيَّ عَبدي، وإذا قالَ: ﴿مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴾ [﴿: ٤]، قالَ: مَجَّدَنِي عَبدي، وقالَ مرَّةً: فَوَّضَ إلَيَّ عَبدي، فإذا قالَ: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ [﴿: ٥]، قالَ: هذا بَينِي وَبينَ عَبدي، وَلِعَبدي ما سَأَلَ، فإذا قالَ: ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (٦) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ﴾ [﴿: ٦، ٧]، قالَ: هذا لِعَبدي، وَلِعَبدي ما سَأَلَ» أخرَجهُ مُسلِمٌ.
فلو كانَت ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ آيَةً، لَعَدَّها وبَدأَ بها، ولم يَتحَقَّقِ التَّنصيفُ؛ لأنَّ آياتِ الثَّناءِ تَكونُ أربَعًا ونِصفَ آيَةٍ، ولأنَّ آياتِ الدُّعاءِ تَكُونُ اثنَتَينِ ونِصفَ آيَةٍ، وعلى ما ذكَرنا يَتحَقَّقُ التَّنصيفُ.
فإن قيلَ: فقد رَوى عبدُ اللهِ بنُ زِيادِ بنِ سَمعانَ: يَقولُ عَبدي إذا افتَتحَ الصَّلاةَ: ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾، فيَذكُرُني عَبدي.
قُلنا: ابنُ سَمعانَ مَتروكُ الحَديثِ، لا يُحتَجُّ به، قالَه الدَّارقُطنيُّ، واتِّفاقُ الرُّواةِ على خِلافِ رِوايَتِه أولَى بالصَّوابِ.
ورُويَ عن النَّبيِّ ﷺ أنَّه قالَ:«سُورةٌ هي ثَلاثونَ آيَةً، شَفَعَت لِقارِئِها، ألا وهي ﴿تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ﴾، وهي ثَلاثونَ آيَةً سِوَى ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾».
وأجمعَ النَّاسُ على أنَّ سُورةَ الكَوثَرِ ثَلاثُ آياتٍ بدُونِ ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾، ولو كانَت منها لَكانَت أربَعًا، ولأنَّ مَواضِعَ الآيِ تَجري مَجرى