للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم قالَ: واختلَفتِ الرِّوايةُ عن أحمدَ هل هي آيَةٌ مِنْ الفاتِحةِ تَجِبُ قِراءَتُها في الصَّلاةِ أو لا، فعَنه أنَّها مِنْ الفاتِحةِ، وذَهب إليه أبو عَبد اللهِ بنُ بَطَّةَ وأبو حَفصٍ، وهو قولُ ابنِ المُبارَكِ والشافِعيِّ وإسحاقَ وأبي عُبَيدٍ، قالَ ابنُ المُبارَكِ: مَنْ تركَ ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ فقد تركَ مِئةً وثَلاثَ عَشرَةَ آيَةً، وكذلك قالَ الشافِعيُّ: هي آيَةٌ مِنْ كلِّ سُورةٍ؛ لِحَديثِ أُمِّ سَلمةَ، ورَوى أبو هُريرةَ أنَّ النَّبيَّ قالَ: «إذا قَرَأتُمُ ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾، فاقرَؤُوا ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾؛ فإنَّها أُمُّ الكتابِ، وإنَّها السَّبعُ المَثاني، وَ ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ آيَةٌ مِنها»، ولأنَّ الصَّحابةَ أثبَتوها في المَصاحِفِ بخَطِّهم، ولم يُثبِتوا بينَ الدَّفتَينِ سِوى القُرآنِ.

ورُويَ عن أحمدَ أنَّها ليست مِنْ الفاتِحةِ، وليست آيَةً مِنْ غيرِها، ولا يجبُ قِراءَتُها في الصَّلاةِ، وهي المَنصورةُ عندَ أصحابِه، وقولُ أبي حَنيفَةَ ومالِكٍ والأوزاعِيِّ وعَبد اللهِ بنِ مَعبَدٍ الرُّمَّانِيِّ.

واختُلِفَ عن أحمدَ فيها، فقيلَ عنه: هي آيَةٌ مُفرَدَةٌ، كانَت تَنزِلُ بينَ سُورَتَينِ؛ فَصلًا بينَ السُّوَرِ.

وعنه: إنَّما هي بَعضُ آيَةٍ مِنْ سُورةِ النَّملِ. كذلك قالَ عَبد اللهِ بنُ مَعبَدٍ والأوزاعِيُّ: ما أُنزِلَت ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ إلَّا في سُورةِ ﴿إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ [النمل: ٣٠].

والدَّليلُ على أنَّها ليست مِنْ الفاتِحةِ ما رَوى أبو هُريرةَ قالَ سَمِعتُ النَّبيَّ يَقولُ: «قالَ اللهُ تَعالى قَسَمتُ الصَّلاةَ بَينِي وَبينَ عَبدي نِصفَينِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>