فإنْ قالَ قائِلٌ: فلِمَ لا تُجيزُ عليهِ ما شرَطَ لها وعليها ما شَرطَتْ له؟
قيلَ: رَددْتُ شَرطَهُما إذ أَبطلَا به ما جعَلَ اللهُ لكلِّ واحدٍ ثمَّ ما جعَلَ النَّبيُّ ﷺ، وبأنَّ رَسولَ اللهِ ﷺ قالَ:«ما بالُ رِجالٍ يَشتَرطونَ شُروطًا ليسَتْ في كتابِ اللهِ تعالَى؟ ما كانَ مِنْ شَرطٍ ليسَ في كتابِ اللهِ تعالَى فهو باطِلٌ ولو كانَ مِائةَ شَرطٍ، قَضاءُ اللهِ أحقُّ وشَرطُه أَوثَقُ، فإنِّما الولاءُ لِمَنْ أعتَقَ»، فأبطَلَ رَسولُ اللهِ ﷺ كلَّ شَرطٍ ليسَ في كتابِ اللهِ جلَّ ثَناؤُه إذا كانَ في كتابِ اللهِ أو سُنَّةِ رَسولِ اللهِ ﷺ خِلافُه.
فإنْ قالَ قائِلٌ: ما الشَّرطُ للرَّجلِ على المرأةِ والمرأةِ على الرَّجلِ ممَّا إبطالُه بالشَّرطِ خِلافٌ لكتابِ اللهِ أوِ السُّنةِ أو أمرٍ اجتَمعَ النَّاسُ عليه؟
قيلَ له إنْ شاءَ اللهُ تعالَى: أحَلَّ اللهُ ﷿ للرَّجلِ أنْ يَنكحَ أربَعًا وما مَلكَتْ يَمينُه، فإذا شَرطَتْ عليه أنْ لا يَنكحَ ولا يَتسرَّى حَظرَتْ عليه ما وسَّعَ اللهُ تعالَى عليهِ، وقالَ رَسولُ اللهِ ﷺ:«لا يَحلُّ للمرأةِ أنْ تَصومَ يَومًا تَطوُّعًا وزَوجُها شاهِدٌ إلَّا بإذنِه»، فجعَلَ له منْعَها ما يُقرِّبُها إلى اللهِ إذا لم يَكنْ فَرضًا عليها؛ لعَظيمِ حَقِّهِ عليها، وأوجَبَ اللهُ ﷿ له الفَضيلةَ عليها، ولم يَختلِفْ أحدٌ عَلِمْته في أنَّ له أنْ يُخرجَها مِنْ بلدٍ إلى بلدٍ ويَمنعَها مِنْ الخُروجِ، فإذا شَرطَتْ عليه أنْ لا يَمنعَها مِنْ الخُروجِ ولا يُخرجَها شَرطَتْ عليه إبطالَ ما له عليها، قالَ اللهُ ﵎: ﴿فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا (٣)﴾ [النساء: ٣]، فدَلَّ كتابُ اللهِ تعالَى على أنَّ