وقدْ روينا عن عليِّ بنِ أبي طالبٍ أنه قالَ في رَجلٍ تزوَّجَ امرأةً وشرَطَ لها دارَها، فقالَ: «شَرطُ اللهِ قبْلَ شَرطِهم» ولمْ يَرَهُ شَيئًا.
وألزَمَتْ طائِفةٌ هذهِ الشُّروطَ وأَمرَتْ بالوفاءِ بها، وروينا عن عُمرَ بنِ الخطَّابِ أنهُ اختُصِمَ إليهِ في امرأةٍ شرَطَ لها زَوجُها أنْ لا يُخرِجَها مِنْ دارِها، فقالَ عُمرُ: «لها شَرطُها».
وقالَ عَمرُو بنُ العاصِ: «أرَى أنْ يَفيَ لها بشَرطِها»، وهذا مَذهبُ جابرِ بنِ زيدٍ وطَاووسٍ، وبهِ قالَ الأوزاعيُّ وأحمَدُ وإسحاقُ.
وقالَ إسحاقُ لقَولِ عُمرَ: مَقطَعُ الحُقوقِ عندَ الشُّروطِ؛ لقَولِ النَّبيِّ ﷺ: «أحَقُّ الشُّروطِ أنْ يُوفَّى بها ما استَحلَلتُم بهِ الفُروجَ».
وكانَ عطاءٌ يقولُ: إنْ نكَحَ امرأةً وشَرطَتْ عليه «أنكَ إنْ نَكحْتَ أو تَسرَّيتَ أو خَرجْتَ بي فإنَّ لي عليكَ كذا وكذا مِنْ المالِ»، قالَ: فإنْ نكَحَ فلها ذلكَ المالُ، قالَ: وهوَ مِنْ صَداقِها.
وقالَ الزُّهريُّ: هو زِيادةٌ في صَداقِها.
قالَ أبو بكرٍ: أصَحُّ ذلكَ أنْ يَثبُتَ النِّكاحُ وتَبطُلَ الشُّروطُ؛ لقَولِ النَّبيِّ ﷺ: «كُلُّ شَرطٍ ليسَ في كِتابِ اللَّهِ فهوَ باطِلٌ وإنْ كانَ مِائةَ شَرطٍ»، وهذهِ الشُّروطُ خِلافُ كتابِ اللهِ، بل فيهِ تَحريمُ ما أباحَهُ اللهَ للزَّوجِ مِنَ النكاحِ ومِلكِ اليَمينِ.
والجَوابُ في الاشتِراطِ على كلِّ واحدٍ مِنَ الزَّوجَينِ على صاحِبِه أنْ لا يَنكحَ بعدَه كالجَوابِ في هذهِ الوسائِلِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute