للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نالَ مِنها فقدْ شرَطَ أنَّ له أنْ يأتيَ منها ما ليسَ له، فبهذا أبطَلْنا هذهِ الشُّروطَ وما في مَعناها وجعَلْنا لها مهرَ مِثلِها.

فإنْ قالَ قائِلٌ: فقدْ يُروَى عنِ النَّبيِّ أنهُ قالَ: «إنَّ أحَقَّ ما وَفَّيتُم بهِ مِنْ الشُّروطِ ما استَحلَلتُم بهِ الفُروجَ»، فهكذا نَقولُ في سُنَّةِ رَسولِ اللهِ ، أنه إنَّما يُوفَّى مِنْ الشُّروطِ ما يَبِينُ أنه جائِزٌ ولم تَدُلَّ سُنةُ رَسولِ اللهِ على أنهُ غَيرُ جائِزٍ، وقَد يُروَى عنهُ : «المُسلِمونَ على شُروطِهم إلَّا شَرطًا أحَلَّ حَرامًا أو حرَّمَ حَلالًا»، ومُفسَّرُ حَديثِه يَدلُّ على جُملتِه (١).

وقالَ ابنُ الُمنذِرِ : اختَلفَ أهلُ العِلمِ في الرَّجلِ يَنكحُ المرأةَ ويَشتَرِطُ لها أنْ لا يُخرِجَها مِنْ دارِها ولا يَتزوَّجَ عليها ولا يَتسرَّى ونحوُ ذلكَ مِنَ الشُّروطِ.

فأبطَلَتْ طائفةٌ هذهِ الشُّروطَ، هذا مَذهبُ عطاءِ بنِ أبي رباحٍ وسَعيدِ ابنِ المُسيّبِ والحَسنِ وإياسَ بنِ معاويةَ وابنِ سِيرينَ والشَّعبيِّ والنَّخعيِّ والزُّهريِّ وقَتادةَ وهشامِ بنِ هُبيرةَ ومالكِ بنِ أنسٍ واللَّيثِ بنِ سَعدٍ والثَّوريِّ والشَّافعيِّ وأصحابِ الرَّأيِ.

وكانَ الشَّافعيُّ يقولُ: إنْ كانَ انتَقصَها بشَرطٍ شَيئًا مِنْ مَهرِ مِثلِها فلها مَهرُ مِثلِها.


(١) «الأم» (٥/ ٧٣، ٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>