للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واستَدلُّوا على ذلكَ بما يَلي:

بما رواهُ البُخاريُّ مُعلَّقًا قالَ: وقالَ المِسْورُ: سَمعْتُ النَّبيَّ وذكَرَ صِهرًا لهُ فأَثنَى عليهِ في مُصاهَرتِه فأحسَنَ، قالَ: «حَدَّثَني فصَدَقَني ووعَدَني فوَفانِي» (١). قالُوا: وإنَّما استَحقَّ المَدحَ لأنَّه وفى لهُ مُتبَرِّعًا ومُتطوِّعًا لا فيما لَزمَه الوفاءُ به على سَبيلِ الفَرضِ.

ولقَولِه في قصَّةِ بَريرةَ: «كُلُّ شَرطٍ ليسَ في كِتابِ اللَّهِ فهوَ باطِلٌ وإنْ كانَ مِائةَ شَرطٍ، كِتابُ اللَّهِ أحَقُّ وشَرطُ اللَّهِ أوثَقُ» (٢)، فأجازَ البَيعَ وأبطَلَ الشَّرطَ، فلمَّا أبطَلَ رَسولُ اللهِ مِنْ الشُّروطِ ما ليسَ في كِتابِ اللهِ كانَ مَنْ اشتَرَطَ شُروطًا خِلافَ كِتابِ اللهِ أَولى أنْ تَبطُلَ.

وقَولِه : «المُؤمِنونَ على شُروطِهم إلَّا شَرطًا أحَلَّ حَرامًا أو حرَّمَ حَلالًا»، مِنْ ذلكَ أنَّ اللهَ أباحَ للرِّجالِ أنْ يَنكحُوا أربَعًا، وأباحَ للرَّجلِ وطْءَ ما مَلكَتْ يَمينُه؛ لقَولِه : ﴿إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (٦)[المؤمنون: ٦]، فإذا شَرطَتْ عليهِ الزَّوجةُ تَحريمَ ما أحَلَّ اللهُ لهُ بطَلَ الشَّرطُ وثبَتَ النِّكاحُ، ولمَّا كانَ للمَرءِ إذا عقَدَ نكاحَ امرأةٍ أنْ يَنقلَها حيثُ يَصلحُ أنْ تُنقَلَ إليه مِثلُها ويُسافرَ بها كانَ اشتِراطُها عليهِ كارِهًا غيرُ أحكامِ المسلمِينَ في أزواجِهِم، وذلكَ غَيرُ لازمٍ للزَّوجِ.


(١) رواهُ البُخاريُّ مُعلَّقًا «بابُ الشُّروطِ في النِّكاحِ».
(٢) رواه البخاري (٢٠٤٧)، ومسلم (١٥٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>