للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإنْ فَسخَتْ قبْلَ الدُّخولِ بها فلا مَهرَ لها، وليسَ لها نِصفُ المَهرِ، ولا المُتعةُ إنْ كانَتْ مُفوِّضةً (١).

وذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيةُ والمالِكيةُ والشَّافعيةُ إلى أنَّ المَرأةَ إذا تَزوَّجتِ الرَّجلَ وشَرطَتْ عليهِ أنْ لا يَتزوَّجَ عليها أو أنْ لا يُخرِجَها مِنْ بَلدِها أنَّ النِّكاحَ جائزٌ والشَّرطَ باطلٌ، ويَجوزُ له أنْ يَتزوَّجَ عليها وأنْ يُخرِجَها مِنْ بلدِها.


(١) «المغني» (٧/ ٧١)، و «الكافي» (٣/ ٥٥)، و «المحرر» (٢/ ٢٣)، و «مجموع الفتاوى» (٣٢/ ١٦٩، ١٧٠)، و «إغاثة اللهفان» (٢/ ٢٠، ٢١)، و «زاد المعاد» (٥/ ١١٨)، و «شرح الزركشي» (٢/ ٣٦٥، ٣٦٦)، و «المبدع» (٧/ ٨١، ٨٢)، و «الإنصاف» (٨/ ١٥٥)، و «الروض المربع» (٢/ ٢٩٨)، و «كشاف القناع» (٥/ ٩٩، ١٠٠، ١٦٧)، و «مطالب أولي النهى» (٥/ ١٢٠)، وقالَ ابنُ القيِّمِ في «زاد المعاد» (٥/ ١١٨)، في قصَّةِ زواجِ عليٍّ مِنْ بنتِ أبي جَهلٍ: فيُؤخَذُ مِنْ هذا أنَّ المَشروطَ عُرفًا كالمَشروطِ لَفظًا، وأنَّ عدَمَه يُملِّكُ الفَسخَ لمُشتَرِطِه، فلو فُرضَ مِنْ عادةِ قَومٍ أنهُم لا يُخرِجونَ نِساءَهم مِنْ ديارِهم ولا يُمكِّنونَ أزواجَهُم مِنْ ذلكَ البتَّةَ واستَمرَّتْ عادَتُهم بذلكَ كانَ كالمَشروطِ لَفظًا، وهوَ مُطرِدٌ على قَواعدِ أهلِ المَدينةِ وقَواعدِ أحمَدَ أنَّ الشَّرطَ العُرفيَّ كاللَّفظيِّ سَواءٌ، ولهذا أَوجَبُوا الأجرَةَ على مَنْ دفَعَ ثوبَهُ إلى غسَّالٍ أو قَصَّارٍ، أو عَجينَه إلى خبَّازٍ، أو طَعامَه إلى طبَّاخٍ يَعمَلونَ بالأجرَةِ، أو دخَلَ الحمَّامَ أو استَخدمَ مَنْ يَغسِلُه ممَّن عادتُه يَغسِلُ بالأجرَةِ ونحوَ ذلكَ، ولم يَشرطْ لهُم أجرةً أنَّه يَلزمُه أجرةُ المِثلِ.
وعلى هذا، فلَو فُرضَ أنَّ المرأةَ مِنْ بيتٍ لا يَتزوَّجُ الرَّجلُ على نِسائِهم ضَرَّةً ولا يُمكِّنونَه مِنْ ذلكَ، وعادُتُهم مُستمِرةٌ بذلكَ، كانَ كالمَشروطِ لَفظًا.
وكذلكَ لو كانَتْ ممَّن يَعلمُ أنها لا تُمكِّنُ إدخالَ الضَّرةِ عليها عادةً لِشَرفِها وحسَبِها وجَلالتِها، كانَ تركُ التَّزوُّجِ عليها كالمَشروطِ لَفظًا سواءٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>