وقولُه ﷺ:«كُلُّ شَرطٍ ليسَ في كِتابِ اللهِ فهو باطِلٌ» أي: ليسَ في حُكمِ اللهِ وشَرعِه، وهذا مَشروعٌ، وقد ذكَرْنا ما دلَّ على مَشروعيَّتِه، وعلى مَنْ نفَى ذلكَ الدليلُ.
وقولُهم: إنَّ هذا يُحرِّمُ الحَلالَ.
قُلنا: لا يُحرِّمُ حَلالًا وإنما يُثبتُ للمَرأةِ خِيارَ الفَسخِ إنْ لم يَفِ لها به.
وقَولُهم: ليسَ مِنْ مَصلحتِه.
قُلنا: لا نُسلِّمُ ذلكَ؛ فإنهُ مِنْ مَصلحةِ المَرأةِ، وما كانَ مِنْ مَصلحةِ العاقدِ كانَ مِنْ مَصلحةِ عَقدِه، كاشتِراطِ الرَّهنِ والضَّمينِ في البيعِ، ثم يَبطلُ بالزِّيادةِ على مَهرِ المِثلِ.
وشَرطُ غَيرِ نَقدِ البلدِ إذا ثبَتَ أنهُ شَرطٌ لازِمٌ فلمْ يَفِ لها به فلها الفَسخُ، ولهذا قالَ الَّذي قضَى عليهِ عُمرُ بلُزومِ الشَّرطِ:«إذًا تُطَلِّقُنَا»، فلَم يَلتفِتْ عُمرُ إلى ذلكَ وقالَ:«مَقاطعُ الحُقوقِ عِنْدَ الشُّروطِ»، ولأنهُ شَرطٌ لازِمٌ في عَقدٍ، فيَثبتُ حقُّ الفَسخِ بتَركِ الوفاءِ به كالرَّهنِ والضَّمينِ في البيعِ.
وهذا الخِيارُ على التَّراخي؛ لأنهُ خِيارٌ يَثبتُ لدَفعِ الضَّررِ فكانَ على التَّراخي؛ تَحصيلًا لمَقصودِها، كخِيارِ العَيبِ والقِصاصِ، ولا يَسقطُ إلا بما يَدلُّ على الرِّضَا مِنها مِنْ قَولٍ أو تَمكينٍ منها معَ العِلمِ بفِعلِه ما شَرطَتْ أنْ لا يَفعلَه، فإنْ لم تَعلمْ بعَدمِ الوفاءِ ومَكَّنتْه لم يَسقطْ خِيارُها؛ لأنَّ مُوجِبَه لم يَثبتْ، فلا يكونُ له أثَرٌ، كالمُسقِطِ لشُفعَتِه قبْلَ البَيعِ.