للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنهُ قالَ: «أحَقُّ ما أَوفَيتُمْ مِنَ الشُّروطِ أنْ تُوفُوا بهِ ما استَحلَلتُم به الفُرُوجَ» (١).

فيَجبُ الوَفاءُ بهذا الشَّرطِ الَّذي هو أحَقُّ الشُّروطِ أنْ يُوفَّى به، وهو مُقتَضى الشَّرعِ والعَقلِ والقياسِ الصَّحيحِ، فإنَّ المرأةَ لم تَرضَ ببَذلِ بُضعِها للزَّوجِ إلَّا على هذا الشَّرطِ، ولو لم يَجبِ الوفاءُ بهِ لم يَكنِ العَقدُ عن تَراضٍ، وكانَ إلزامًا لها بِما لم تَلتزِمْه وبما لم يُلزِمْها اللهُ تعالَى ورَسولُه بهِ، فلا نَصَّ ولا قِياسَ.

فإنْ لم يَفعلِ الزَّوجُ وتَزوَّجَ عليها أو أخرَجَها مِنْ بَلدِها فلها فَسخُ النِّكاحِ، وهيَ مُخيَّرةٌ، فإنْ شاءَتْ أنْ تُقيمَ معهُ وإنْ شاءَتْ أنْ تُفارِقَه، يُروَى هذا عن عُمرَ بنِ الخطَّابِ وسَعدِ بنِ أبي وقَّاصٍ ومُعاويةَ وعَمرِو بنِ العاصِ ، وبه قالَ شُرَيحٌ وعُمرُ بنُ عَبدِ العزيزِ وجابِرُ بنُ زَيدٍ وطاوُسٌ والأوزاعيُّ وإسحاقُ.

ورُويَ: «أنَّ رَجلًا تَزوَّجَ امرأةً وشرَطَ لها دارَها ثمَّ أرادَ نقْلَها، فخاصَموهُ إلى عُمرَ فقالَ: لها شَرطُها، فقالَ الرَّجلُ: إذًا يُطلِّقْنَنا، فقالَ عُمرُ: «مَقاطِعُ الحُقوقِ عندَ الشُّروطِ» (٢)، ولأنهُ شَرطٌ لها فيهِ مَنفعةٌ مَقصودةٌ لا يَمنعُ المَقصودَ مِنْ النِّكاحِ، فكانَ لازِمًا، كما لو شَرطَتْ عليهِ زِيادةً في المَهرِ أو غيرَ نَقدِ البلدِ.


(١) رواه البخاري (٤٨٥٦)، ومسلم (١٤١٨).
(٢) رواه سعيد بن منصور في «سننه» (٦٦٢)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (١٤٢١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>